د.عبدالمحسن فهد المارك
قامت الدولة السعودية على الدين الإسلامي منذ تأسيسها في عهدها الأول على يد المغفور له بإذن الله الإمام محمد بن سعود واستمرت على هذا النحو في عهدها الثاني على يد الإمام فيصل بن تركي رحمه الله إلى عهدها الثالث في عهد مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بتاريخ 12-5-1351هـ الموافق 23-9-1932م.
وفي جميع المراحل الآنفة الذكر تركزت السياسة السعودية الداخلية والخارجية على الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي وأول للتشريع. ولا غرو في ذلك فالمملكة العربية السعودية شرفها الله أن تكون خادمة وحامية للحرمين الشريفين. من هنا كانت عوامل ثبات واستقرار السياسة السعودية بصفتها ممثلة لبلد مهبط الوحي ومنبع الرسالة الإسلامية التي يؤمن بها أكثر من مليار مسلم وهذا يجعل سياستها في خدمة الإسلام والمسلمين وتحرص في سبيل ذلك على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
فهذه الأسس الدينية التي أرست قواعد المملكة بالرغم من كل العواصف والأعاصير التي صبت عليها لم تتغير لذلك نجد أنها الركائز التي قامت عليها المملكة تستند على عدة أمور وعوامل أبرزها العامل الوطني والخليجي والعربي والإسلامي وأخيراً الدولي.
وقد وظفت المملكة علاقاتها القوية مع الدول العظمى وأبرزها أمريكا لصالح مواطنيها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها وكذلك خدمت تلك العلاقات جميع القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
كما أن المملكة في تلك العلاقة القوية مع الولايات المتحدة احتفظت بحرية المناورة السياسية بالكامل ولم تتحول إلى تابع لها أو لغيرها لأنها لم تكن بحاجة ولله الحمد إلى أية مساعدات خارجية مالية الأمر الذي وفر لها المناعة اللازمة لصنع القرار السياسي المستقل.
واعتمدت الدبلوماسية السعودية على الهدوء والاتزان والحكمة والتروي وتبتعد عن الارتجال والتسرع والتردد، وأقيمت هذه الدبلوماسية على قواعد واضحة ثابتة مبنية على الشرعية الإسلامية وعلى الشيم العربية التي تعتمد على احترام الجوار والوفاء بالعهود والالتزام بالمواثيق والمعاهدات الثنائية والدولية وعدم التدخل في سياسة غيرها.
هذا الأمر جعل المملكة لها وزنها العالمي بين الدول وفي المنظمات الإقليمية والدولية ولها مصداقية في كافة علاقاتها الدولية.
وتعتبر المملكة دولة مؤسسة في منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي وأخيراً بسبب سياستها المالية والاقتصادية الذكية والناجحة أصبحت عضواً في مجموعة العشرين التي تسعى من ضمن أهدافها إلى تعزيز استقرارا الاقتصاد الدولي من خلال الحوار البناء بين الدول الصناعية والاقتصاد الناشئ وكذلك توفير وتطوير فرص العمل.
وبفضل من الله عز وجل أصبحت المملكة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -تغمده الله برحمته الواسعة- محط أنظار العالم، وقد ورث أبناؤه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله- هذا الإرث وتلك المسؤولية الجسيمة، وحافظوا على قيمها ومبادئها العظيمة وبذلوا كل الجهود في التطوير إلى أن وصلت حالياً إلى العهد الزاهر بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله ورعاهما-, وتطورت بنجاح في جميع المراحل بخطوات ثابتة قوية، أنجزت الكثير والكثير في فترة زمنية قصيرة وتتطلع إلى مستقبل مشرف قوي تصل فيه المملكة إن شاء الله إلى أعلى المراكز الدولية. وستبقى المملكة بإذن الله حصناً منيعاً وقلعة صامدة لمواطنيها والعرب والمسلمين.
أسأل الله العلي الكريم أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو الأمير محمد بن سلمان وأن يديم علينا الأمن والأمان والاستقرار.