د. محمد عبدالله العوين
في الثالث من ربيع الثاني من هذا العام 1442هـ يكمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سبع سنوات من توليه قيادة دفة الحكم في المملكة؛ إذ تمت مبايعته ملكا في 3 ربيع الثاني 1436هـ الموافق 23 يناير 2015م، وقد شهدت بلادنا خلال هذه السنوات القصيرة إنجازات كبيرة تؤسس لعهد جديد من التنظيم الإداري المحكم تمثل في دمج وزارات متقاربة في التخصص والأداء كما هو الشأن في دمج وزارتي التربية والتعليم العالي لتصبحا «وزارة التعليم» والمراقبة الدقيقة كما في إنشاء «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد - نزاهة» باجتثاث جذوره وتتبع مصادره، وحسم كثير من الأمور المعلقة في الحياة الاجتماعية؛ كما في قرار قيادة المرأة للسيارة، والسماح بافتتاح دور للسينما، وإنشاء هيئة للترفيه، وحضور النساء إلى الملاعب، واتخاذ قرارات جريئة بتمكين المرأة من مواقع قيادية في عديد من الأجهزة والهيئات الحكومية، ورسم رؤية طموحة للنهضة ما بين 2020- 2030م تؤكد في مجمل أهدافها على ضرورة الانتقال من الاعتماد على مصدر واحد رئيس للدخل متمثل في «النفط» إلى تنويع مصادر دخل الدولة من خلال فتح فضاءات اقتصادية جديدة بإنشاء المدن الاقتصادية والمشروعات الصناعية الضخمة؛ المدنية والعسكرية، واستغلال الفرص السياحية في جغرافية الوطن تاريخيا وطبيعيا من خلال اكتشاف وتفعيل مكنونات ثراء أمكنة عدة زاخرة بالأبعاد الجمالية الخلابة؛ كما في العلا ومدائن صالح والقدية وسواحل البحر الأحمر ومئات الجزر البكر بالقرب من خليج العقبة وحقل في مشروع «نيوم» الضخم الذي يضم مدنا سياحية متنوعة العطاء والجذب تعادل في مساحتها حجم 3 دول صغيرة.
ومن المعلوم لأي قارئ حصيف للتاريخ الإنساني أن بناء الحضارات جهد متراكم يمتد قرونا لا عشرات من السنين، وهو ما تمثله الحضارة السعودية المتواصلة في النمو منذ أن شع فجرها الأول على الجزيرة العربية بتأسيس إمارة الدرعية على يد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - عام 1157هـ 1744م مرورًا بالمراحل الصعبة التي تلت سنوات النشأة الأولى إلى عام 1233هـ حين حدث الاعتداء الآثم الظالم الذي شنه البغاة العثمانيون على الدولة السعودية الأولى منهيا فترة حكم الإمام عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود، لتتكون الدولة السعودية الثانية من جديد على يد الإمام تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود 1240هـ وتمتد على يد ابنه الإمام فيصل بن تركي متحدية الصعوبات والمكايد التي تعرضت لها من العثمانيين ومواليهم مستغلين ما حدث لاحقا من نزاعات امتدت إلى عام 1309هـ حيث بدأت مرحلة فراغ سياسي ملأه آل الرشيد موالي الأتراك إلى عام 1319هـ حين أشرق فجر جديد على يد مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل - رحمه الله -.
وخاض المؤسس العظيم معارك توحيد البلاد مدة تنيف على ثلاثين عاما إلى أن أعلن اسم «المملكة العربية السعودية» في 21 جمادى الأولى 1351هـ الموافق 23 من سبتمبر 1932م الأول من برج الميزان وهو اليوم الوطني المجيد الخالد لبلادنا حماها الله وأعزها.