للأسف نسمع ونردد عبارة (أمة اقرأ.. لا تقرأ) وفي هذا ظلم وإجحاف في حق أمتنا، فلو أننا لا نقرأ لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وما تحقق لنا اليوم منجزات علمية وثقافية وصناعية واقتصادية، ومنجزات نفاخر بها على مختلف الأصعدة.
إذ إن التعليم يمتد إلى أعماق بعيدة في تاريخ الأمة الإسلامية، حيث بدأ منذ نزول الوحي على رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في غار حراء، وبه بدأت النهضة العلمية والحضارة الإسلامية.
وفي بلادنا المملكة العربية السعودية، سار التعليم خطوات متسارعة نحو التعليم الحديث، بدأ مع تثبيت دعائم الدولة السعودية، التي حرصت على نشر العلم والتعليم والتوسع فيه، انطلاقًا من إنشاء مديرية المعارف، التي تمثل اللبنة الأولى للمؤسسة التعليمية الحديثة في المملكة، والبذرة الرئيسة لنظام التعليم، وبزوغ فجر العلم والمعرفة، ونبذ الجهل والتخلف، والأخذ بزمام العلم والمعرفة والتطوير، على أسس متينة وقواعد راسخة، لتحافظ على عقيدتها السمحة، ومبادئها وأخلاقها الكريمة، التي هي امتداد متأصل للنهضة العلمية والحضارة الإسلامية والعربية.
فبعد أن كان التعليم محصورًا في المساجد (الكتاتيب) والحلقات العلمية ومجالس العلماء، وصولاً إلى التعليم الحكومي النظامي، في مراحل التعليم العام والجامعي، لتكون ثقافة طلب العلم والمعرفة ثقافة أساسية للقيادة ولكل مواطن في المملكة العربية السعودية.
حيث وفرت الدولة -رعاها الله- التعليم المجاني للجميع في كافة مراحله وأنواعه في مختلف أنحاء الوطن؛ بل ودعمت المنتسبين للتعليم بالمكافآت والحوافز، وتحقيق المساواة بين الجنسين، والكبار والصغار في فرص التعليم، لتحقق بذلك المملكة انخفاض نسبة الأمية بين أوساط الشعب إلى أقل النسب العالمية.
وهذا لم يأت من فراغ، بل صاحبه إنجازات كبيرة شملت سياسات التعليم في المملكة، وتطوير الخطط والمناهج، وتقويم التعليم، والمباني المدرسية المزودة بأحدث الوسائل والتقنيات الحديثة، والتجهيزات المتقدمة التي تخدم العملية العلمية والتعليمية، وغيرها من الإنجازات التي تجاوزت بها العديد من التحديات المعاصرة، للوصول إلى خدمات تعليمية ذات جودة عالية، وتأهيل الطلبة بالمهارات والمعارف والعلوم اللازمة التي تمكنهم من دخول سوق العمل بكل ثقة واقتدار، وتعزيز دور المملكة لتكون رائدة للعلم والمعرفة عالميًا.
ومن المنجزات التي حققتها المملكة في ميدان التعليم، مواكبة الثورة المعرفية وتسخير التقنية لخدمة التعليم، بتأسيس أنظمة ومبادرات تقنية وتعاملات الإلكترونية لخدمة التعليم عامة، والتعليم عن بُعد على وجه الخصوص، لتسابق الزمن والعديد من الدول المتقدمة في هذا المسار، وفق رؤية طموحة واستراتيجيات ثاقبة، إذ إن مفهوم تطوير التعليم والوسائل التعليمية، مفهوم متجذر لدى المؤسسة التعليمية في المملكة.
بعيدًا عن النمط التقليدي في التعليم، الذي يرتكز على التلقين والحفظ، تم تسخير نمط التعليم عن بُعد (التقاء المعلم بطلابه عبر وسائل التقنية) وتطوير تلك الوسيلة والاستفادة منها في التعليم، ليتحول الطالب وفق هذا النمط إلى البحث عن المعلومة وتحليلها وفهمها.
وهذا النمط من أنماط التعليم، لا يمكن تبنيه إلا بالاتكاء على قاعدة صلبة من الخطط والشراكات والبرامج والجهود الجبارة، والميزانيات الضخمة، التي تمكن المؤسسات التعليمية من تحقيق متطلبات نمط التعليم عن بُعد.
ووزارة التعليم -بإذن الله- قادرة على تطبيق أنماط التعليم المختلفة؛ ومنها نمط التعليم عن بُعد، حيث توفر بيئة قائمة على تقنيات المعلومات والاتصالات والتعليم الإلكتروني والتعليم المدمج، لمختلف مراحل التعليم «العام والجامعي» لتمنح درجات علمية في برامج وتخصصات متوائمة مع احتياجات سوق العمل، وملبية لمتطلبات التنمية والتعلم، والإسهام في بناء اقتصاد ومجتمع المعرفة في المملكة، وإيصال رسالتها الحضارية عالميًا.
وفي ظل جائحة كورونا (كوفيد - 19) وفرت الوزارة الدعم المناسب للتعليم العام والعالي، بما مكن مدارس التعليم العام والجامعات من التحول للتعليم عن بُعد، حيث أنها ترتكز على بنية تحتية قوية ومتميزة ومتمكنة من أنظمة التعليم المتطورة.
ويظل التخطيط والتطوير ومسابقة الزمن في استشراف المستقبل، وتسخير كل جديد في تطوير العملية التعليمية، ركيزة التميز والإبداع والإنجاز التي تتميز بها المملكة العربية السعودية من خلال مؤسساتها التعليمية.
ولنعلم أن القراءة والاطلاع هي بوابة التطور والتقدم والانتقال من مرحلة لمرحلة، ومن نمط تعليمي إلى نمط آخر، ومن مفهوم التعليم التقليدي إلى مفهوم التعلم عن بُعد؛ مسخرًا التقنية وتكنولوجيا الاتصال لخدمة ذلك.