د.عبدالله بن موسى الطاير
يبدو أن البريد الأمريكي سيكون البؤرة الساخنة في الانتخابات الرئاسية، وما بين غالبية ديمقراطية مؤيِّدة للتصويت بالبريد، وتحفظ جمهوري عليه، هناك مخاوف من الحزبين حول مدى سلامة هذا الإجراء غير المستحدث. الرئيس الأمريكي يعارضه جملةً وتفصيلاً خشية من مغبة التزوير، والديمقراطيون يرحبون به ولكنهم يخشون من تأخر وصول الأصوات تحت أية ذريعة كانت مما يؤثّر على النتيجة. مؤيِّدو الرئيس يصرون على التصويت المباشر وفي مقار اللجان الانتخابية، وسيكون هناك إقبال منقطع النظير هذا العام.
وفي استطلاع لوكالة أنباء أسوشييتد برس فإن 39 % من الناخبين المسجلين سيصوتون عبر البريد مقارنة بـ21 % ممن يصوتون عادةً عن طريق البريد، وواضح أن هذه الزيادة جاءت بسبب تفشي كوفيد-19. وفي حين يخطط 53 % من مؤيِّدي بايدن للتصويت عبر البريد، فإن 57 % من مؤيِّدي ترامب سيصوتون شخصيًا في مراكز الاقتراع. وقال 54 % من الناخبين إنهم سيصوتون قبل فتح باب الاقتراع يوم الانتخابات، بينما كانت النسبة في انتخابات عام 2016 حوالي 42 % من الناخبين.
يجدر التأكيد أن البريد ليس وسيلة جديدة للتصويت، ولكن شراسة المنافسة، وحدة الاستقطاب، والانقسام الحزبي تجعل من هذه الطريقة مبرراً لولادة متعثرة لنتائج الانتخابات الأمريكية 2020م.
هناك تحسن طفيف طرأ على أداء الرئيس في استطلاعات الرأي، وربما يعود ذلك إلى حرصه على زيارة الولايات المتأرجحة والعزم الذي أبداه في اقتحام جميع المحاذير الطبية ذات العلاقة بالوباء من تباعد اجتماعي ولبس للكمامات، في حين تتسم تحركات بايدن الميدانية بالحذر والظهور بشكل رتيب وكأنه في مشهد مصطنع وغير حقيقي.
الذي يجعل الرئيس ترامب قلقاً بشكل لافت للنظر هو عدد أصوات الناخبين الكبار التي تم تأمينها حتى الآن؛ حيث ضمن المرشح الديمقراطي حوالي 183 صوتاً من 270 مطلوبة للفوز بالانتخابات في مقابل 88 صوتاً للرئيس. ويميل 29 صوتاً لبايدن في مقابل 37 لترامب، وإذا حصل بايدن على 66 صوتاً من الولايات التي تميل للتصويت للديمقراطيين والمتمثلة في بنسلفانيا، ميتشجان، ويسكنسون، مينيسوتا، نيفادا ونيوهامشير فإنه سوف يتجاوز 270 صوتاً. والواقع أن فلوريدا وجورجيا وأوهايو، وشمال كارولاينا، وأريزونا ستحدد مصير الرئيس ترامب فهو يحتاج للفوز بها جميعاً لضمان الرئاسة لفترة ثانية.
انتخابات 2020 مسكونة بالانقسام الحاد، ونظريات المؤامرة، والتطرف العرقي والديني، وطرفاها رئيس أمضى أربع سنوات ولا يقبل بالهزيمة، ومتمسك بالفوز برئاسة ثانية حتى على أنقاض أمريكا. ومنافس ديمقراطي متهالك، سيصوت له الناخبون لا قناعة فيه وإنما للتخلص من الرئيس ترامب. سلوك الرئيس ترامب وطريقة تعاطيه مع السياسة والانتخابات يؤكدان أنه لن يقبل بأية نتيجة غير الفوز؛ وإذا حصل عكس ذلك فإنه لن يسلِّم بالنتيجة، وسوف يلجأ إلى قاعدته الانتخابية لإثارة الفوضى، كما أنه سيطرق باب المحكمة الدستورية التي جهزها منذ بدء فترته الرئاسية الأولى بأغلبية جمهورية.
ووفقًا للجنة الانتخابات الفيدرالية سيكون أمام الولايات حتى 8 ديسمبر لتقديم تقرير عن نتائج الانتخابات الرئاسية. ثم يجتمع ناخبو الولاية في 14 ديسمبر للإدلاء بأصواتهم، وفي 6 يناير 2021 يجتمع الكونجرس الجديد للمصادقة على النتيجة وسيعتبر ذلك نهائياً. وسيكون الرئيس دونالد ترامب منذ هذا التاريخ فيما لو خسر الانتخابات ضيفاً على البيت الأبيض، وبعد 20 يناير سوف يكون ضيفاً غير مرحب به ويمكن اعتقاله فيما لو لم يخرج طواعية من البيت الأبيض.
ويجدر التذكير بأنه قبل الوصول إلى هذه الخاتمة تكون هناك طعون في النتيجة من أي من المرشحين، ولها أدواتها ومددها ولكل ولاية نظامها الخاص بالنظر في الطعون المقدمة وفقاً للإثباتات التي يدفع بها كل فريق.