حماد الثقفي
(Space Economy) أحد أكثر المفاهيم الاقتصادية الحديثة التي فرضت وجودها وقوتها في القرن الحالي؛ كونه قمة الإنجاز التكنولوجي للإنسانية، وفي الوقت ذاته قد يكون استغلالاً تجاريًّا واقتصاديًّا للمصادر الطبيعية خارج حدود كوكب الأرض؛ لتنتقل الصناعات الفضائية من مرحلة الصواريخ والأقمار الصناعية للترسانات العسكرية التي بدأت إبان الحرب العالمية الثانية إلى مرحلة الاستخدامات المدنية التي وصل حجم الاستثمار فيها عام 2010 إلى أكثر من 50 مليار دولار، وفي عام 2016 قدرت بـ340 مليار دولار، يمول 25 % منها من الحكومات، وتمثل برامج الفضاء الحكومية نسبة 17.2 % فقط.. كما أن 30 % من الرحلات الفضائية في عام نفسه 2010 كانت لأغراض تجارية بحتة تحت اسم «اقتصاد الفضاء»، وأكدته دراسة لمصرف «مورغان ستانلي» بتخطي التريليون دولار عام 2040؛ إذ تكون المداخيل الأساسية من عوائد خدمات الأقمار الصناعية والصواريخ؛ لذلك يتنامى الإقبال الدولي على هذا النوع من الاقتصاد، وربما كان من أكثر الاستغلالات التجارية المستقبلية والاستشرافية للفضاء (السياحة الفضائية ومجال تعدين الفضاء-Space Mining)، وبالتحديد تعدين الكويكبات والمذنبات. فمنذ احتكار روسيا وأمريكا تلك الصناعة منذ «سبوتنيك 1» عام 1957، «إكسبلورر»، تلتها إطلاق فرنسا واليابان أقمارًا صناعية إلى المدار الخارجي، ودخلت الصين السباق في إبريل 1970؛ ليطلق الروس بين عامَي 1957 و1991 (2309 صاروخًا إلى الفضاء)، بينما أطلقت جميع دول العالم 225 صاروخًا فقط، وكأن روسيا تتسيد المشهد؛ ليبقى الحال من المحال؛ إذ أجرت الصين 207 عمليات إطلاق بين عامَي 2010 و2019، وهناك أكثر من 38 صاروخًا في عامَي 2018 و2019، ثم دخلت الهند بقوة في هذه الصناعة من خلال تقنية حديثة، بالاعتماد على قطاعات عدة، منها صناعة النقل الفضائي التي تتصدرها أمريكا بـ1763 حمولة بإنفاق بلغ 40.1 مليار دولار، تلتها روسيا بـ840 حمولة بإنفاق 4.2 مليار دولار، والصين 480 حمولة بإنفاق بلغ 5.8 مليار دولار، ثم الهند 104 أقمار صناعية في إطلاق واحد. هذا التنافس المحموم حفز الصين على اقتراح إنشاء منطقة اقتصادية فضائية بين الأرض والقمر بحلول عام 2050، وحرصها على إدماج المشاريع الفضائية المستقبلية ضمن هيكلها الاقتصادي العام، وضمن مشروع طريق الحرير الذي يشتمل على تطوير العنصر الرقمي والفضائي للبنية الأساسية؛ لتصبح جزءًا لا يجزأ من الاستراتيجية العامة له.
يقابلها رسم «ناسا» لنفسها هدفًا جديدًا لبناء اقتصاد قوي، يعتمد على المستعمرات الفضائية من خلال 12 شركة، تعمل في مجال الرحلات الفضائية، منها بلو أوريجين وبوينج، دراسة مستقبل الرحلات الفضائية. ويشمل ذلك إنشاء اقتصاد قوي، يعتمد على الرحلات إلى المدار الأرضي المنخفض دون الحاجة إلى التمويل الحكومي. وأغلب تلك المشاريع وراءها ثلاثة من أهم رجال الأعمال في العالم، هم (أيلون ماسك مؤسس شركة «تسلا» و»سبيس إكس»، وجيف بيزوس مؤسس موقع «أمازون وبلو أوريغن»، وريتشارد برانسون مؤسس شركة «فيرجن» للطيران الساعي إلى أن يكون لاعبًا رئيسيًّا على هذه الساحة هو الآخر). فزيادة مساحة الاستثمارات الخاصة «الطموحة» في هذا المجال تخلق مجالاً غير مسبوق للتوسع الاستثماري، بل العسكري؛ إذ حذرت الصين ترامب من عواقب «عسكرة» الفضاء.. إذ يحتاج الاقتصاد الفضائي إلى منطلق جديد، ومؤشرات خاصة به حول النمو والاستدامة؛ ليبقى الطلب القوي على النقل الفضائي هو المحرك الأساس لهذا المشروع الضخم، وتتحكم في نجاحه بتقنيات5G وما بعدها لرسم صورة الاقتصاد الفضائي، ومَن سيكون سيده بغير منازع.