د.عبدالعزيز العمر
شتان بين الفضول العلمي والفضول الاجتماعي، فالأول، أي الفضول العلمي، يُعَدُّ سمة بارزة للتعليم في المجتمعات المتقدمة، بل هو هدف تربوي طموح ونبيل تسعى إلى تحقيقه كل المجتمعات التربوية المتقدمة لدى أبنائها المتعلمين. من جهة أخرى يعد الفضول الاجتماعي سمة بارزة للمجتمعات المتخلفة، بل هو أمر تستهجنه كل المجتمعات عبر ثقافاتها المختلفة لكونه يعني تدخل الشخص في شؤون الآخرين الخاصة، ومحاولته الحصول على معلومات خاصة عنهم (تطفل). لن نتوقف هنا عند الفضول الاجتماعي، لكننا سنتوقف عند الفضول العلمي (Curiosity) باعتباره أحد أهم نواتج التعليم المتميز، وباعتباره أيضًا ظاهرة تستفز وتستحث التفكير عند الطالب.
أستطيع أن أؤكد لكم بالبحث وبالمنطق لو سمحت المساحة أن غياب إشباع الفضول العلمي عن مدارسنا هو سبب رئيس في تدني إنجازات طلابنا العلمية على المستويين المحلي والدولي، وهذا ما كشفته اختبارات «تمز» الدولية. ولابد من التوضيح أن الفضول العلمي يعني وجود رغبة عميقة وملحة لدى الطالب في الاستكشاف والبحث عن معلومات تفسر له غموض أي ظاهرة علمية لاحظها وسببت له قلقًا ذهنيًا، إن تنمية الفضول العلمي يحتاج إلى معلم محترف يعرف كيف يستثيره وكيف يشبعه لدى طلابه، وعندما يتم إشباع الفضول العلمي للطالب فإنه يشعر بمتعة عظيمة وبرغبة في مواصلة البحث والاستكشاف. لكن للأسف كثير من المعلمين اليوم لا يقدر القيمة العالية لإشباع الفضول العلمي للطلاب، ولا يعرف أصلاً كيف يشبع هذا الفضول، ولا كيف يقيسه، وهذا -بلا شك- حرم طلابنا من فرص تعلم ثمينة.