محمد ناصر الأسمري
بات التأمين نظاماً عالمياً على كثير من المناشط والأعمال والممتلكات. وفي بلدنا السعودية باتت مؤسسة النقد (المصرف المركزي) هي المنوط بها الترخيص والرقابة على شركات التأمين.
ولعل تأمين المركبات ربما هو الاكثر اشتراكاً من قبل متملكي السيارات، وصار الزامياً دون استثناء، رغم ما كان سائداً قبل التنظيم من فتاوى حرمت التأمين في أغلب صوره.
والعجيب من تحريم التأمين أن الشريعة الإسلامية قد حددت من يلزمه الالتزام بدفع الدية مشاركة تشاركية فيما عرف بدية العاقلة وهنا تفاصيل من مراجع تعرف بالعاقلة وهم قرابة الإنسان من الذكور بمختلف درجات القرابة:
قوله: (عاقلة الإنسان ذكور عصباته، كلهم من النسب والولاء قريبهم وبعيدهم حتى عمودي نسبه...) إلى أن قال: (ولا تحمل العاقلة عمداً محضاً، ولا عبداً، ولا صلحاً عن إنكار ولا اعترافاً لم تصدق به، ولا ما دون ثلث الدية التامة، ويؤجل ما وجب بشبه العمد والخطأ على ثلاث سنين، ويجتهد الحاكم في تحميل كل منهم ما يسهل عليه، ويبدأ بالأقرب فالأقرب)(914أ).
قال في «المقنع»: «عاقلة الإنسان عصباته كلهم، قريبهم وبعيدهم من النسب والولاء إلا عمودي النسبة: آباؤه وأبناؤه، وعنه: أنهم من العاقلة أيضاً».
https://www.alukah.net/sharia/0/116487/#ixzz6KcQSCItN
والعاقلة: جمع عاقل، وهو دافع الدية، وسميت الدية عقلاً تسمية بالمصدر؛ لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي المقتول، ثم كثر الاستعمال حتى أطلق العقل على الدية، وإن لم تكن من الإبل.
وعاقلة الإنسان هم عصبته، وهم الأقرباء من جهة الأب، كالأعمام وبنيهم، والإخوة وبنيهم، وتقسم الدية على الأقرب فالأقرب، فتقسم على الإخوة وبنيهم، والأعمام وبنيهم، ثم أعمام الأب وبنيهم، ثم أعمام الجد وبنيهم؛ وذلك لأن العاقلة هم العصبة، كما جاء في الموسوعة الفقهية.
وتدفع دية قتل الخطأ مقسطة على مدار ثلاث سنوات، جاء في الموسوعة: دية الخطأ تجب على عاقلة الجاني مؤجلة في ثلاث سنين، باتفاق الفقهاء.
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/322219/
وقد نسب لفضيلة الشيخ ابن جبرين عن أخذ التعويض من شركة التأمين، فأجاب: «يجوز ذلك، لأن هذه الشركات التزمت أنها تتحمل ما يحدث من هذا الإنسان الذي أمَّن عندها، ولا يتورع عن ذلك ما دام أنهم ملتزمون بدفع التعويض، ولا يبقى على من ارتكب الحادث - في حال حصول وفاة - إلا كفارة القتل الخطأ، إذا كان الحادث بسبب خطأ منه».
https://islamqa.info/ar/answers/70318/
التأمين قسمان:
قسم يُسمَّى: التأمين التّجاري: يُؤَمِّن على سيارته، أو على عمارته، أو على نفسه بأموالٍ يدفعها للشَّركات في كل وقت كذا وكذا، وإذا خربت سيارته أصلحوها، وإذا خرب بيته أو احترق عمروه، وإذا مات أو قُتِلَ أدَّوا ديته، هذا التأمين التِّجاري مُحَرَّمٌ؛ لما فيه من الربا والغرر.
وقد صدر من مجلس هيئة كبار العلماء منذ سنتين أو ثلاث قرارٌ بتحريم ذلك، وهو واضحٌ من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
التأمين الثاني: تأمين تعاوني بين المسلمين: ليس المقصود منه الربا ولا الغرر، ولكن المقصود منه التَّعاون، فهذا يُقال له: التأمين التَّعاوني، كأن يجتمع أهلُ قريةٍ أو قبيلةٍ أو أهل حيٍّ من الأحياء أو أسرة من الأُسَر على بذل أموالٍ معينةٍ -كل واحدٍ يبذل كل شهرٍ كذا: مئة ريال، ألف ريال، أو كل سنة- يقولون: هذه نجمعها لمواساة الفقير منا ومَن يُصاب بحدثٍ: كقتلٍ أو غيره، تؤدّى منه الدية، وهكذا يُواسون الفقير والمسكين، والغارم الذي عليه ديون يُؤدُّون عنه، ومَن أصابه قتلٌ، مثلاً: دهس أو انقلاب وصار عليه شيءٌ من الديات يُساعدونه، ليس المقصود من ذلك إلا المساعدة.
فهذا ليس فيه زكاة، وهذا عمل صالح، فهذا يُسمَّى: التأمين التعاوني، وإذا جعلوه بيد إنسانٍ يعمل فيه ويُنميه ويتَّجر فيه فلا بأس بجزءٍ من ربحه، كأن يُقال لفلان أو مؤسسة مُعينة: تعمل فيه بنصف الربح، بثلث الربح، بربع الربح، كمُضاربةٍ؛ فلا بأس بذلك، وهو مُعدٌّ للأعمال الخيرية، هذا يُقال له: التأمين التَّعاوني.
موقع الإمام ابن باز https://binbaz.org.sa/fatwas/20603
التأمين أو نِظَامُ التأمين أو الضّمَان هو وسيلةٌ لِمُواجهة المخاطر التي يتعرّض لها الإنسان في كيانه أو أمواله أثناء فترة حياته في سبيل التخفيف من وطأتها. جوهرُ هذه الوسيلة هو التعاون الذي يتحقق باشتراك الأشخاص المُعرّضين لِذات الخطر في مُواجهة الآثار التي تنجم عن تحقيقه بالنسبة لِبعضهم، وذلك بدفع كل منهم لاشتراك أو لقسطٍ، وتُجمّع المبالغ المُتحصّلة ثُمّ تُوزّع على من تحل بهم الكارثة. وبهذا تُحقق آثار الكارثة على المُشتركين في تحقيق هذا التعاون. التأمين هو واقعٌ عمليّ، وهو من أفضل الوسائل التي تُمكّنُ الإنسان من التخفيف من آثار الكوارث، سواء وقعت هذه الكوارث بفعل الشخص نفسه، بتقصيرٍ منهُ أو بإهماله، أو بِفعل الغير. وهو وسيلةُ الأمان التي تتفق وروح العصر الحديث الذي كثُرت فيه مُتطلبات الحياة وازداد فيه خطر الآلة وأصبحت مخاطر التطوّر فيه واضحة.
كانت فعاليّة التأمين، باعتباره الوسيلة الحديثة لِمُواجهة المخاطر وما تُرتبهُ من آثار، هي السبب الأبرز الذي أدّى إلى ازدهاره، وتنوّع مجالاته، وتطوّره، وامتداده إلى المجالات المُختلفة، ليُؤمن الأفراد من كُلّ خطرٍ يتعرّضون له سواء في أموالهم أو أشخاصهم. وفعاليّة التأمين أيضًا أدّت إلى قيام بعض الدُول بِفرض بعض أنواعه ضمانًا لِحُصول بعضُ فئات الشعب على تعويضٍ عن وُقوع حادثٍ مُعيّن.
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%A3%D9%85
ورغم كل هذه الأمور الموضحة لشرعية ومشروعية التأمين إلا بعض القبائل قد سنت لها تنظيم قبلي حيث يلزم كل فرد ذكر في القرية - القبلية دفع مبلغ سنوي يوضع في حساب يديره شخص- أو أكثر ويصرف من هذه المبالغ للفرد الذي يقع منه أو عليه حادث قيمة ما لحق من أضرار مهما تكررت الحوادث من نفس الشخص والتساؤل هنا هل هذا مجاز نظاماً و/ أو مخالف للنظام وكيف يتم قبوله لدى القضاء. طالما أن كل مركبة مشتراة أو مستأجرة مؤمن عليها نظاماّ، فلم تلزم القبيلة الفرد بدفع اشتراك سنوي.
ومن العجيب الغريب أن أغلبية من أفراد القبائل لم يعودوا في مناطق قبائلهم فهم في أنحاء وأرجاء الوطن وأصبح الحال العاقلة هنا باتت مجتمعاً مدنية لا قبائلي
والحق أن بعض صناديق القبائل - المسمى صندوق الدم- ربما وصلت مئات الألوف من الريال مجمدة بلا استثمار.
ويبرز تساؤل كبير يحتاج بحثًا مفصلاً من المختصين في الشريعة والداخلية - المرور- هل تدخل النساء ضمن العاقلة بعدما صارت النساء يمتلكن ويقدن السيارات
والسبب المبرر هنا هو أن هذا من نوازل العصر المستحدثة التي تتطلب تفعيل فقه الواقع والمصالح المرسلة.