د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
لم يتصل التعليم بالأسرة مثلما هو الآن في زمن الكورونا وإن كان تواصلاً خلف الشاشات؛ ولم تكن وزارة التعليم أكثر واقعية وتركيزاً في التوجه للمستهدفين من زمن الطوارئ هذا؛ إلا أن التلقّي المعرفي لم يكن أصعب قياساً من حاله اليوم!! ولإيماني الكامل أنه لا بد من الفصل بين مهام التقويم للنظام، والمهام التنفيذية، فشواهدي مرايا كثيرة حية شاهدناها خلال جولتنا شرحاً وتفصيلاً في المدرسة الافتراضية؛ ومتكآت العمل وأذرعه المتمثلة بمنصة مدرستي وقناة عين وأخواتها؛ فهناك جهود متنوعة تدفع بالآمال إذا ما حالفتها الديمومة والاستمرار؛ وهناك خيارات إلكترونية ملأى وحشدٌ من المعامل والمصانع للإنتاج والمَنْتجَة، وكوادر مواطنة تُنبتْ الحصاد، ودوائر تعمل على مدار اليوم مما حسبناه تأسيساً جديداً لسياسة تعليمية على المدى الطويل في إدارة نظام التعلم! ونعلم جميعاً أن التعليم يقوم على التواصل الإنساني أساساً بين التلميذ وأستاذه وأقرانه تواصل متعدد الأبعاد والحواس، ينتج عنه نقل للمعرفة واكتسابها وبناء شخصية وموقف وسلوك، ولقد حافظتْ البشرية على هذا النموذج في كل الأزمنة إلا من تغييرات لم تمس جوهر النموذج أبداً، وبقي التواصل الإنساني هو الثابت والمرتكز فجاء التعليم عن بُعد طارئاً في زمن الكورونا، وحُشدتْ له الممكنات في بلادنا وذلك فعل محمود للحفاظ على تلقي المعرفة واحتضان مستويات مقبولة من الاتصال الإنساني، وتقليل الفاقد التعليمي ما أمكن!
ولقد حظينا بدعوة كريمة ولقاء ثري مع معالي وزير التعليم وبعض الزملاء من كتاب الرأي الصُحفي وبعض الإعلاميين في يوم الخميس قبل الماضي للاطلاع على إدارة النظام عن بُعد وحظينا بالحوار مع معاليه تجسيراً للوصول للمجتمع كداعم أساسي لمنظومة العمل هناك!ومن اللافت أن معالي الوزير يتمتع باستيعاب عال جداً للمعلومات والمعارف ذات العلاقة بمنظومة التشغيل وقراراته حول إدارة نظام التعلم عن بُعد، وبأسلوب مقنع غزير محترم بسط معاليه لنا دقائق التشغيل وتفاصيله؛ وأكد معاليه في اللقاء أن الوزارة تعمل لتجاوز واقع إغلاق المدارس وصولاً إلى ركائز تنموية جديدة من خلال تطوير تصاعدي لتحويل الأهداف إلى نواتج تعلم ملموسة عند الطلاب، فإغلاق المدارس كان تحدياً كبيراً فتوجهتْ الوزارة للتقنية كخيار نافذ متمكن لمعالجة واقع التعليم، ومن ثمّ رصد الفاقد التعليمي من خلاله ومعالجته؛ وأبان معاليه أن إدارة أنظمة التعلم عن بُعد رفع مستوى الثقافة الرقمية في أوساط الأسرة وسقف التلقي المجتمعي لها، حيث أحدثتْ تغييرات في سياسات تلقي المعرفة ووصول المعلومات؛ وإحداث التوازن في سير الخطط الدراسية والمقررات التدريسية لدعم أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة من خلال معلمين متميزين لتصميم وتقديم دروس معيارية في جميع الموضوعات، ولكل المراحل التعليمية من الصفوف الأولية إلى الثانوية، وهي متاحة للجميع على شبكة الإنترنت في جميع الأوقات وفي كل الأحوال؛ كما تتوافر في معامل المواقف التعليمية الافتراضية خيارات رقمية تتناسب مع ظروف الطلاب وانتقال سلس بينها.
وتأسيساً على ذلك فنأمل من الوزارة وجهودها تلك استثمار التباين في البيئات التعليمية لصناعة المزيد من النجاحات في إدارة النظام التعليمي حتى بعد الجائحة -بإذن الله-.
ويبقى دور الأسرة في هذه المرحلة الاستثنائية محورياً وأساسياً، أكثر مما كان عليه من قبل، لأن الأسرة أصبحت تتحمل جزءًا كبيراً من مهام المدرسة ومهام المعلم، مما يتطلب منح الأبناء مزيداً من الوقت والجهد مع النظر في منح أولياء الأمور خيار حضور أبنائهم في المدارس لبعض الساعات. (يوم لرعاية المعرفة)، حيث فلسفة التعليم عن بُعد تبنى كجزء من منظومة تعليمية تواصلية كاملة!
حديث خارج المنصة..
* يحتاج التعليم إلى التفاتة حقيقية، فهناك فقر لا يخفى على ذي لب في مخرجات الحياة ومهاراتها المطلوبة.
* وعقول الطلاب هي بيوتهم فيلزم السياسات التعليمية الابتكار في اختيار مرتادي العقول!
* المدرسة في كل صياغاتها تستلم مدخلاتها من المجتمع وتقوم بدورها في كشف مخرجاتها إلى عموم المجتمع، ولذلك فإن العلاقة بينهما يجب أن تكون متينة جداً.
* الميدان التعليمي استرخى خلال زمن الكورونا، لأن الوزارة لا تريد منهم التدخل في شئون التعليم دونها، فعادت المركزية وقد كانت تلوّحُ مغادرة!