محمد ناصر الأسمري
تتخذ أغلب الدول العربية طائر النسر شعاراً في أعلامها ورمزاً للقوة في قطاعات عسكرية، ووصفه شعراء عرب وتغنوا به في العزة والفخار، بينما شعراء آخرون وقفوا عكس ذلك بنفس مهين
وبالعودة إلى مصادر متنوعة عالجت هذا الأمر في موسوعات ومنتديات وصحف تبين التباين. وهنا أمثلة:
- النسر هو من أكبر الجوارح على سطح الأرض. يتميز بأجنحة قوية جداً ويعيش في آسيا، وإفريقيا، وأوروبا، ويميز أجنحته عضلات قوية تجعله يحلق لمستويات عالية، يتميز بنظره الحاد، ومخالبه الحادة أيضاً، منقاره حاد ومعقوف، يتغذي على الجيف.
5- له مكانة كبيرة عند العرب، فكان يعده العرب قديماً مخلوقاً وضيعاً، ويصفونه بالجبن، فهو لا ينقض على فريسته، ولكن يتغذي على الجيف فقط، في حين أن هناك جوارح أخرى لا تتغذى إلا على الحيوانات الطازجة، مثل العقاب، بينما النسر لا يتغذي إلا على الجيف التى ليس لها أي شعور. أما عند الغرب فكانت مكانته عالية، فهو يتصدر العديد من الشعارات، مثل الشعارات الخاصة بالحكومة الأمريكية والعديد من إداراتها، ويستخدم فى القصص الأدبية، وهو رمز الحرية، والعلو والانطلاق، وعندما احتك العرب بالأمريكيين تمت ترجمة هذا الطائر باسم egle لكن كانوا يقصدون العقاب وليس النسر. أما فى العصر الحديث فأصبح النسر رمزاً للشجاعة، والسمو، والعلو، والإقدام، وأصبح له مكانة عالية ويستخدم فى العديد من الرموز والشعارات).
https://www.thaqfya.com/difference-between-eagle-falcon-who-strongest/
يعد النّسر أكبر حجماً من الصّقر، حيث يصل طول جناح النّسر نحو مترين وثلاثة أمتار وبعض النّسور يصل طول جناحيها إلى اثني عشر متراً، وتوجد أنواع ضخمة من النّسور قادرة على حمل الإنسان وحمل الحيوانات الكبيرة مثل الأفاعي والغزلان وغيرها، بينما الصّقر طائر أصغر من النّسر ويصل طول جناحيه إلى متر ونصف المتر، أي أن جناحي النّسر طويلان وقويان على عكس جناحي الصّقر. منقار النّسر معكوف إلى الأمام ومنقار الصّقر غير معكوف، ويتميز النّسر بالنّظر الثاقب والحاد وحاسة الشم القوية جداً، ومن حيث المخالب تكون مخالب النّسر مخالب كبيرة وحادة لحمل فريستها، ويمتاز النّسر برقبة صلعاء بينما رقبة الصّقر مكتسية الريش.
https://wiki.kololk.com/wiki58950-hawanat-o-nabatat-
تبني الصّقور أعشاشها بين الصّخور وفوق الأشجار وتكون عادة الأعشاش مكونة من أغصان الشّجر والعصي الصغيرة وبعض الأعشاب، بينما النّسور تعيش فقط في قمم الجبال في الأماكن العالية من الجبال وتكون أعشاشها من أوراق الأشجار فقط، ولذلك يسهل صيد الصّقر لسهولة الوصول إلى مسكنه بينما النّسر طائر شرس صعب الوصول إلى مسكنه، وإن تم الوصول للمسكن يتم القضاء على خصمه بسهولة.
https://wiki.kololk.com/wiki58950-hawanat-o-nabatat-
والصقور من أكثر الطيور الجارحة المنتشرة والمعروفة في العالم، وتشمل كل فئة منهما عدداً كبيراً من الأنواع التي تعيش في مناطق مختلفة، ويوجد عدة فروق واختلافات بينهما، حيث يكمن الفرق بين العقاب والصقر فيما يأتي: [2] الحجم: يتميز العقاب بحجم كبير ويعد من أكبر الطيور الجارحة بينما تكون الصقور ذات أحجام متوسطة مقارنة مع العقاب. القوة: يُعد العقاب أقوى من الصقر، وذلك بسبب حجمها الكبير حيث يتمتع العقاب بأجنحة كبيرة وقوية ومخالب حادة وأيضًا الصقر هو أحد الطيور الجارحة القوية والمميزة. الفريسة: هنا يكمن الفرق بين العقاب والصقر في نوعية الفرائس التي يصطادها كلٌ منهما، حيث يصطاد العقاب فرائس كبيرة الحجم وكثيرة، بينما الصقور تهتم بصيد الفرائس صغيرة الحجم مثل القوارض والطيور الصغيرة.
الأجنحة: يمتلك العقاب أجنحة كبيرة وقوية مقارنة مع الصقر، حيث يُعد العقاب ذا الذيل صاحب أكبر أجنحة، والتي تصل إلى 9 أقدام و4 بوصات، بينما الصقر يمتلك أجنحة صغيرة فأكبر أجنحة للصقور موجودة في الصقر الشرس التي تصل إلى 4 أقدام و8 بوصات.
https://sotor.com/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82 /
ومن الشعراء في العصر الحديث الشاعر السوري عمر أبو ريشة رحمه الله الذي وصف النسر وصفاً جميلاً قوياً واعتقد أن قصيدته عن النسر كانت مدحاً في عبدالرحمن الشاهبندر أحد الثوار العرب ضد الاستعمار الفرنسي وغيره.
أصبح السفحُ ملعباً للنسورِ
فاغضبي يا ذُرا الجبال وثوري
إن للجرح صيحةً فابعثيها
في سماع الدنى فحيحَ سعيرِ
وأطرحي الكبرياء شلواً مدمّى
تحت أقدام دهرك السكيرِ!
لملمي يا ذُرا الجبال بقايا النسرِ
وارمي بها صدورَ العصورِ
إنّه لم يعد يكحِّل جفن النجم
تيهاً بريشه المنثورِ
هجرَ الوكرَ ذاهلاً وعلى عينيهِ
شيءٌ من الوداع الأخيرِ
تاركاً خلفه مواكبَ سُحبٍ
تتهاوى من أفقها المسحورِ
كم أكبَّت عليه وهي تُندّي
فوقه قبلةَ الضحى المخمورِ
هبطَ السفحَ.. طاوياً من جناحيه
على كلِّ مطمحٍ مقبورِ
فتبارت عصائب الطيرِ ما بين
شرودٍ من الأذى ونَفورِ
لا تطيري جوّابةَ السفحِ
فالنسر إذا ما خبرتِه لم تطيري
نسلَ الوهنُ مخلبيهِ وأدمَت
منكبيهِ عواصفُ المقدورِ
والوقارُ الذي يشيعُ عليه
فضلة الإرثِ من سحيقِ الدهورِ!
وقف النسرُ جائعاً يتلوّى
فوقَ شلوٍ على الرمالِ نثيرِ
وعجافُ البغاثِ تدفعه
بالمخلبِ الغضِّ والجناحِ القصيرِ
فسَرت فيه رعشة من جنون
الكبرِ واهتزَّ هزَّة المغرورِ
ومضى ساحباً على الأفقِ الأغبرِ
أنقاضَ هيكلٍ منخورِ
وإذا ما أتى الغياهبَ واجتاز
مدى الظنِّ من ضمير الأثيرِ
جلجلت منه زعقة نشّت الآفاقُ
حرّى من وهجها المستطيرِ
وهوى جثّةً على الذروة الشمّاء
في حضن وكره المهجورِ!
أيها النسرُ هل أعود كما عدتَ
أم السفحُ قد أمات شعوري
أما أبوالقاسم الشابي الشاعر التونسي فقد تمثل بالنسر في قصيدة عالية القيمة والمقدار بحراً وقافية وروياً:
سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعداءِ
كالنَّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّاءِ
أرْنُو إلى الشَّمْسِ المُضِيئةِ هازِئاً
بالسُّحْبِ والأَمطارِ والأَنواءِ
لا أرْمقُ الظِّلَّ الكئيبَ ولا أرَى
مَا في قَرارِ الهُوَّةِ السَّوداءِ
وأَسيرُ في دُنيا المَشَاعرِ حالِماً
غَرِداً وتلكَ سَعادةُ الشعَراءِ
أُصْغي لمُوسيقى الحَياةِ وَوَحْيِها
وأذيبُ روحَ الكَوْنِ في إنْشَائي
وأُصيخُ للصَّوتِ الإِلهيِّ الَّذي
يُحْيي بقلبي مَيِّتَ الأَصْداءِ
وأقولُ للقَدَرِ الَّذي لا ينثني
عَنْ حَرْبِ آمالي بكلِّ بَلاءِ
لا يُطْفِئُ اللَّهبَ المؤجَّجَ في دمي
موجُ الأسى وعواصفُ الأَزراءِ
فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ فانَّهُ
سيكون مثلَ الصَّخرة الصَّمَّاءِ
لا يعرفُ الشَّكوى الذليلَة والبكا
وضراعَة الأَطفالِ والضّعفاءِ
ويعيشُ جبَّاراً يحدِّق دائماً
بالفجرِ الجميلِ النَّائي
إِملأْ طريقي بالمخاوفِ والدُّجى
وزوابعِ الأَشواكِ والحصباءِ
وانْشر عليه الرُّعب واثر فوقه
رُجُمَ الرَّدى وصواعقَ البأساءِ
سَأَظلُّ أمشي رغمَ ذلك عازفاً
قيثارتي مترنِّماً بغنائي
أَمشي بروحٍ حالمٍ متَوَهِّجٍ
في ظُلمةِ الآلامِ والأَدواءِ
النُّور في قلبي وبينَ جوانحي
فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ
إنِّي أنا النَّايُ الَّذي لا تنتهي
أنغامُهُ ما دام في الأَحياءِ
وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ ليس تزيدُهُ
إلاَّ حياةً سَطْوةُ الأَنواءِ
أمَّا إِذا خمدت حياتي وانقضى
عُمُري وأخرسَتِ المنيَّةُ نائي
وخبا لهيبُ الكون في قلبي الَّذي
قد عاش مِثْلَ الشُّعْلَةِ الحمراءِ
فأنا السَّعيد بأنَّني مُتحوِّلٌ
عن عالمِ الآثامِ والبغضاءِ
لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ
وأرتوي من مَنْهَلِ الأَضواءِ
وأَقولُ للجَمْعِ الَّذين تجشَّموا
هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي
ورأوْا على الأَشواكِ ظلِّيَ هامِداً
فتخيَّلوا أَنِّي قضيْتُ ذَمائي
وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما
وجدوا ليشوُوا فوقَهُ أشلائي
ومضَوْا يَمُدُّونَ الخُوَانَ ليأكلوا
لحمي ويرتشفوا عليه دِمائي
إنِّي أقولُ لهمْ ووجهي مُشرقٌ
وعلى شفاهي بَسْمَةُ استهزاءِ
إنَّ المعاوِلَ لا تَهُدُّ مناكبي
والنَّارَ لا تأتي على أعضائي
فارموا إلى النَّار الحشائشَ والعبوا
يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي
وإذا تمرَّدتِ العَواصفُ وانتشى
بالهولِ قلْبُ القبَّةِ الزَّرقاءِ
ورأيتموني طائراً مترنِّماً
فوقَ الزَّوابعِ في الفَضاءِ النَّائي
فارموا على ظلِّي الحجارةَ واختفوا
خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ
وهناكَ في أمنِ البيوتِ تطارحوا
غَثَّ الحديثِ وميِّتَ الآراءِ
وترنَّموا ما شئتمُ بِشَتَائمي
وتجاهَروا ما شئتمُ بعِدائي
أمَّا أنا فأُجيبكمْ مِنْ فوقكمْ
والشَّمسُ والشَّفقُ الجميل إزائي
مَنْ جَاشَ بالوحي المقدَّسِ قلبُه
لم يحتفل بحِجَارةِ الفلتاءِ
ودخلت كلمة النسر في الأناشيد العربية، ويقال إن الشاعر {القومي اللبناني} سعيد عقل، كان يزور مطعم {فيصل} قبالة الجامعة الأمريكية في بيروت، حيث تعرف إليه شباب {العروة} وكان من بينهم قسطنطين زريق، وقيل إنهم طلبوا منه أن يكتب نشيداً لجمعيتهم، ففعل، وكتب النشيد التالي:
للنسور ولنا الملعب
والجناحان الخضيبان
بنور العلى والعر ب
ولنا القول الأبي
والسماح العربي والسلاح
ولنا هزّ الرماح في الغضوب المشمس
ولنا زرع الدنى
قبباً زرق السنا
ولنا صهلة الخيل من الهند إلى الأندلس}.
وقد حدث نقاش بيني وصديقين كريمين هما الدكتور عبد الرحمن الجماز وكيل سابق في وزارة الداخلية ورجل إعمار وأعمال، والآخر اللواء عبدالقادر كمال لواء أمن وشاعر حيث لا يريان للنسر ميزة سوى أنه آكل الجيف: قال الجماز عن قصيدة أبي ريشة في رسالة إلي: القصيدة عصماء ولكن استعمال كلمة النسور خطأ من الشاعر لجهله بمعنى كلمة نسر، النسر طير لا يستطيع صيد حمامة، كل ما يستطيع عمله أكل الجيف Vultures والمقصود في القصيدة العقاب (Eagle ) فهو سيد الأجواء.
اما الشاعر اللواء فقال: لو قال أصبح السفح ملعبا للصقور، لكان أجمل وأكمل للمعنى، فالنسور لا تحط إلا على الجيف، ولا تصطاد بعكس الصقور
وأنا هنا أميل لشعر أبي ريشة والشابي..
فما ترون معاشر الشعراء والنقاد دامت أفضالكم..