محمد عبد الرزاق القشعمي
عرفت الأستاذ الدكتور عبدالله بن علي بن عبد الرحمن ثقفان منتصف عام 1404هـ/ 1984م في الجزائر عند إقامة المملكة للأسبوع الثقافي السعودي بمدن الجزائر الرئيسة التي تنظمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وكان الوفد يضم عدداً من الأدباء والفنانين والموسيقيين والصحفيين، وقد أقام معارض للكتاب وللفنون التشكيلية والصور والأزياء وغيرها، والحفلات الغنائية والمحاضرات والندوات والأمسيات الشعرية.. الخ.
وكنت أحد إداريي الوفد، وكان الأستاذ عبدالله ثقفان محاضراً ولكونه متخصصاً في الأدب الأندلسي بجامعة الملك سعود فقد كانت محاضرته في مدينة (وهران) بعنوان: الأدب التاريخي في الأندلس.
توثقت علاقتي به فيما بعد فوجدته يتحلى بأخلاق فاضلة وتواضع جم وبساطة واحترام للجميع، أطلعته على بعض إصدارات الشؤون الثقافية بالرئاسة مما صدر من سلسلة (هذه بلادنا) فأعجب بها فطلبت منه المشاركة بالكتابة عن بلدته ومسقط رأسه (سراة عبيدة) بمنطقة عسير، فرحب بذلك. شغل بإعداد رسالته لنيل درجة الدكتوراه من قسم الأدب بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - إذ انتقل لها من جامعة الملك سعود - وعنوان الرسالة: (المادة الأدبية في المصادر التاريخية الأندلسية)، وبعد أن قدم الرسالة وناقشها وحصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف عام 1409هـ 1989م.
اتصلت به وجددت الدعوة له للمشاركة في سلسلة (هذه بلادنا) فبدأ بجمع المعلومات وقدمها فصدرت تحمل الرقم 41 وتاريخ 1413هـ 1993م، وقد تناولت الدراسة فصلين الأول: الحديث عن الماضي الجغرافي والتاريخي والحياة الاقتصادية والاجتماعية والألعاب الشعبية، والفصل الثاني: الواقع المعاصر، السكان والحياة الاقتصادية والاجتماعية، والدوائر الحكومية.
استمرت علاقتنا في الأندية الأدبية وبعد انتقال عملي إلى مكتبة الملك فهد الوطنية دعوته لزيارتها والتسجيل معه ببرنامج (التاريخ الشفهي) فوافق مشكوراً وكان اللقاء في 3-4-1427هـ وعلى مدى ساعة ونصف الساعة استعرض أهم المحطات في حياته. قائلاً: ولدت في بلدة العسران ببلاد بني بشر بسراة عبيدة عام 1368هـ 1948م.
قال إنه بعد مدارس عبدالله القرعاوي التي تشبه الكتاتيب أنشئت المدارس الحكومية، وأنه من أوائل طلابها، وبعد إتمام دراسته الابتدائية انتقل إلى أبها حيث المدرسة المتوسطة الوحيدة بالمنطقة الجنوبية، ولم يستطع التأقلم فرافق ابن عمه الشيخ سعيد بن ثقفان إلى الدمام حيث كان يعمل كاتباً في الحرس الوطني.
عين بوظيفة كاتب برتبة جندي بالحرس الوطني، فواصل دراسته ليلاً بالمرحلة المتوسطة وبعدها المرحلة الثانوية، إذ انتقل أثناءها للعمل كاتباً بمكتب العمل بالدمام.
بعد حصوله على الثانوية بتفوق التحق بجامعة الملك سعود بالرياض، وتخرج في قسم اللغة العربية كأول دفعة في هذا التخصص في كلية التربية بمرتبة الشرف فأصبح معيداً في القسم، وواصل دراسته حتى أخذ الماجستير. انتقل بعدها لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ليأخذ الدكتوراه بمرتبة الشرف من كلية اللغة العربية في الأدب العربي - تخصص أدب أندلسي - سنة 1409هـ 1989م كما حصل على عدد من الدبلومات الخاصة بالصحافة واللغات، ولهذا فقد كان له نشاط إعلامي في الصحافة والإذاعة والتلفزيون من إعداد وتقديم برامج ثقافية منوعة، وعمل متعاوناً في مجلات الفيصل وقوافل والمجلة العربية.
وقال إن اهتمامه بالدراسات الأندلسية منذ كان طالباً بالجامعة وقال: « نلت الماجستير بعد رحلة عناء مع الدرس والتحقيق مع قلة الإمكانات، بعدها زاد تعلقي بالأندلس عندما سجلت موضوع الدكتوراه، وكان ذا شمولية في ميدان البحث، إذ جعلني أقف على الأندلس أرضاً، وناساً، وفكراً، ثم تحول هذا التعلق والاهتمام بالأندلس إلى حب تمثل في عمل لأكثر من أربعين سنة بين تدريس وتأليف وبحث وإبداء رأي ومشورة وإشراف.. وأنجزت -ولله الحمد- أكثر من سبعة عشر كتاباً، وأكثر من عشرين بحثاً..». وهو يشغل الآن منصب أستاذ الدراسات العليا في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
قال إنه عمل مدرساً للغة العربية في منطقة عسير التعليمية بوزارة المعارف قبل أن يتحول إلى معيد في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود عام 1393هـ/ 1973م. وبعد حصوله على الدكتوراه نقل خدماته إلى جامعة الإمام (أستاذاً مساعداً) في فرع الجامعة بالجنوب، وشغل منصب وكيل قسم الأدب والبلاغة والنقد في كلية اللغة العربية فرع أبها في الفترة من 1412- 1413هـ/ 1992- 1993م، ثم مرشداً أكاديمياً، إلى أن عاد إلى كلية اللغة العربية في مركز الجامعة الرئيس بالرياض، وفيها عمل رئيساً لقسم الأدب حتى حصوله على الأستاذية، ولا يزال إلى الآن أستاذاً للدراسات العليا والدراسات الأندلسية بالقسم نفسه، وخلال عمله رئيساً للقسم، رأس عدداً من اللجان، وناقش عدداً من الرسائل الجامعية داخل الجامعة وخارجها، ولا يزال يشرف على شهادات الماجستير والدكتوراه، وحكّم كثيراً من المقالات والبحوث لمجلات علمية محكمة، وحكّم عدداً من بحوث الترقية داخل البلاد وخارجها، وعمل مستشاراً ثقافياً غير متفرغ لمجلة الحرس الوطني، ومستشاراً غير متفرغ للمجلة العربية، ولا يزال يعمل ضمن هيئة تحرير مجلة (دراسات أندلسية) التي تصدر في تونس، كما شارك في تحرير (موسوعة المملكة العربية السعودية) التي أصدرتها مكتبة الملك عبد العزيز العامة ببحث عن (الحركة الثقافية والفكرية في منطقة عسير) وشارك في ندوات وملتقيات ببحوث ودراسات عن الأدب التاريخي في الأندلس.
هذا، وقد أهداني مؤلفه الأول (المجالس الأدبية في الأندلس) والذي نشره النادي الأدبي في أبها عام 1415هـ/ 1994م، وبعده أصدر كتباً أخرى تعنى بالأدب الأندلسي، وهي: الشكوى من العلة في أدب الأندلسيين. الانتماء في الأدب الأندلسي، الأدب الأندلسي بين حقيقته ومحاولة اغتياله. بحوث ودراسات أندلسية. القصيدة الأندلسية (المقومات الفنية) ديوان أدب السلوك لعبد المنعم الجلياني (تحقيق) الأدب التاريخي في الأندلس. أبو عمر بن حربون (من شعراء الأدب التاريخي في الأندلس). عبد المنعم الجلياني (حياته وشعره) الأدب الموريسكي.
o قال عنه الدكتور سلطان بن سعد القحطاني في (قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية) ط1، دارة الملك عبد العزيز: «.. كاتب، وباحث، متخصص في الأدب الأندلسي، وأستاذ جامعي... ولعبدالله ثقفان نشاط ثقافي بارز من خلال الصحافة والتأليف والبحث العلمي، وخصوصاً في مجال تخصصه في الأدب الأندلسي، نقداً وتاريخاً وتتبعاً للحركة الأدبية في الأندلس وأثرها في الحياة الثقافية، وتأثير الأدب في المشرق فيها...».