د. حسن بن فهد الهويمل
شرفت بتدريس الأدب السعودي أربعين سنة في الجامعة، وكانت رسالتي للماجستير والدكتوراه عن اتجاهاته ونزعاته، كما ناقشت وأشرفت على عشرات الرسائل العلمية: ماجستير، ودكتوراه، وحُكّمت في عشرات البحوث، وحاضرت عنه: داخل المملكة وخارجها، وحقله في مكتبتي من أكبر الحقول، ولما تزل إشكالية الزمان والمكان قائمة لم تحل.
الأدب المستهدف بهذا المسمى وجد قبل قيام الدولة السعودية بأدوارها الثلاثة، تتوارثه الأجيال بين جزر ومد غير أنه ممزق الانتماء، يزاحمه الشعر الشعبي ويعلو عليه، ثم إنه متنوع المؤثرات والمستويات.
أوضحه بهاء، وقوة، وتنوعاً، وكثرة {الأدب الحجازي} لعدة عوامل لم تتوفر لبقية المناطق. مملكة عربية مكتملة الأهلية. هذا الأدب مرتبط بالأدب المصري ومتأثر به، كما يفد إليها الحجاج والمعتمرون من علماء وأدباء ومفكرين يزودون ويستزيدون. وفيها المكتبات، وحلقات الدروس في الحرم، ولاسيما بعد أن قصدها القوميون العرب بعد كارثة التتريك.
يليه {الأدب في الجنوب} وبخاصة {منطقة جازان} وصلته الوثيقة بالأدب اليمني وتأثره فيه، فـ{أدب الأحساء} وملحقاته الخاضع لـ {الحامية التركية} وتأثره الواضح بـ{أدب العراق} بعراقته التراثية وحسه الطائفي، فـ{أدب المنطقة الوسطى} {نجد}وما جاورها، وبخاصة منطلق الدعوة الإصلاحية المتأثرة بأدب الدعوة الإصلاحية، وهو أدب ديني دعوي.
ويأتي أدب {الشمال والحدود الشمالية} مسرحاً للقبائل الرحّل المتموجة، وهذه المنطقة غلب فيها {الأدب الشعبي} ولم تتواصل مع أدب الشام مع أنه أدب غني.
بعد لملمة المناطق وتوحيدها تحت مسمى {المملكة العربية السعودية} حددت بداية الأدب بإعلان هذا المسمى عام 1351 هجرية وهو العام الذي اتخذه الملك فيصل رحمه الله يوماً وطنياً تماشياً مع الأوضاع العالمية، وتلك بداية الأدب السعودي تجوزا، وإلا فبدايته تسبق ذلك، كما أن المكان هو الآخر يتجاوز ذلك.
وتبقى الإشكالية قائمة..!