أ.د.عثمان بن صالح العامر
يقال (تحديد المشكلة نصف الحل) وقد أحسنت لجنة التعليم والبحث العلمي في مجلس الشورى في تقصي معالم الفساد العلمي الموجود في بعض مؤسسات تعليمنا الجامعي، والذي للأسف الشديد أصبح في بعض ملامحه ظاهرة تحتاج إلى حلول جذرية وعقوبات صارمة رادعة تضمن القضاء على هذه المظاهر التي يدرك خطورتها ويعاني منها عضو هيئة التدريس بشكل مباشر، وتعكس للغير هشاشة التكوين الأكاديمي لطلابنا وطالباتنا في الجانب البحثي على وجه الخصوص.
لقد جاءت توصية اللجنة التي نوقشت هذا الأسبوع من قبل المجلس متضمنة غالبية مظاهر الفساد في البيئة الأكاديمية، ومتى أردنا تحقق الجودة الفعلية لا الشكلية فإن من واجب الأكاديميين والباحثين المتخصصين ورجال الشريعة والقانون تقصي هذه المظاهر وتجريمها والحرص على التوعية بخطورتها على مستقبل خريجينا الذين مازالوا يفهمون أن معيار النجاح هو الحصول على الدرجة بأي وسيلة كانت، ومثال على ذلك وهو ما عرجت عليه التوصية محل الحديث، عندما يتم تكليف الطالب بإعداد بحث أو ورقة عمل أو حتى مقال تجده يذهب لمركز خدمات الطلاب ويدفع مبالغ من المال ليشتري بحثا مكتوبا ويقدمه للأستاذ على أنه هو من كتبه، وحين مناقشته تجده لا يعرف عنه شيء، ومن باب الشيء بالشيء يذكر قدم لي طالب بحثاً كتب له وكان كاتبه قد كتب اسم الطالب خطأ، وربما من كتب البحث هو أصلا اكتسب مهارة الكتابة البحثية بالممارسة والخبرة التراكمية ولا يحمل شهادة جامعية ولذا فالأخطاء الفكرية والمنهجية واللغوية لا حصر لها ولا عد الأمر الذي جعل شريحة عريضة من أعضاء هيئة التدريس يحجمون عن طلب إعداد بحوث وتضمينها درجات الأعمال مما يجعل الخريج ينهي دراسته الجامعية وهو لا يتقن مهارة البحث العلمي، ناهيك عن الملكية الفكرية هذا المصطلح الغائب في ميداننا الأكاديمي إلا ما ندر، وقل مثل ذلك عن الالتزام بأداء الواجب الأكاديمي كما يجب، والعدل التعليمي، وشرط خدمة المجتمع في الترقيات العلمية، والمشاركة في المؤتمرات والندوات المتخصصة وغير ذلك كثير.
إن طرح هذا الموضوع ومناقشته تحت قبة الشورى دليل قاطع على أن المعطيات والحيثيات التي تحت أيدي اللجنة توجب التحرك الجدي السريع لمواجهة هذا الفساد من قبل الوزارات والهيئات ذات الصلة من أجل مجتمع أكاديمي سليم، وهذا في النهاية يندرج في منظومة الجهود الحثيثة والأعمال النوعية المتميزة التي انبرى لها ويقودها بكل عزم وحزم وحنكة واقتدار سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين، مهندس رؤية المملكة 2030وفقه الله، الذي أعلن بكل صراحة ووضوح، أنه (لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد أيًّا كان؛ سواء وزيرًا أو أميرًا، ومن تتوفر ضده الأدلة الكافية سيحاسب «، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.