فهد بن جليد
من نعم الله علينا أنَّنا نعيش في منطقة أهلها متصالحون مع أنفسهم, مؤمنون ومقتنعون وواثقون بربهم ثم أوطانهم, والأهم أنَّهم مُتفاعلون وملتزمون لتجاوز جائحة (كورونا), في إحدى دول شرق أوروبا رفعت السلطات مؤخراً القيود عن وسائل الإعلام لتصوير أقسام العناية المركزة لمرضى (كوفيد-19), حتى يصدق أكثر من (ثلث) الشعب هناك بوجود فيروس قاتل اسمه (كورونا), لأنَّ استطلاعات الرأي أظهرت أنَّ أكثر من 30 بالمائة من المواطنين ينكرون وجود الفيروس, و60 بالمائة يعتقدون أنَّ الأمر مجرَّد (خدعة) مبالغ فيها, ولا حاجة للهلع والتقيد بالتباعد ولبس الكمامة, حالة الإنكار هذه (ظاهرة) في دول متقدمة مثل فرنسا وأمريكا وأستراليا فضلاً عن البرازيل, كوسوفو, صربيا, وجنوب إفريقيا وغيرها.
بعض الخرافات الشعبية المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أمريكا وأوروبا مضحكة وصادمة, حيث يُروَّج بتفسيرات مبسطة عبر مقاطع فيديو أنَّ (كورونا) خدعة, المقصود منها التخلص من 15 بالمائة من سكان العالم, وهم الفئات (الأكبر سناً) ومن لا يحتاجهم كوكب الأرض في المرحلة المقبلة, عبر تلقيحهم لاحقا بلقاح (كورونا), بل وتم الزج بأسماء مثل بيل غيتس وغيره في هذه الخرافات التي صدقها الناس, ما جعلهم يخرجون عبر CNN وغيرها من المنصات, لنفي وجود أي (مؤامرة) من هذا النوع.
(كوفيد -19) يشعرنا أحياناً أنَّ العقلية الغربية يسهل خداعها بسذاجة أكثر من العقلية العربية, أيام الجائحة أثبتت أنَّنا أكثر تفوقاً بالفهم والتمحيص والتمييز, بل والثقة في الأنظمة والأجهزة الطبية, لا قانون مطلق ولا قناعة بتفوق العقل الغربي علينا, ها هو اليوم (مُعطَّل) أكثر من أي وقت مضى, لأنَّه ببساطة حبيس لنظرية (المؤامرة) فيما يخص تداعيات هذا الفيروس, ما يثبت أنَّ العقل هو ذات (الوعاء الفكري), يتحرَّر وينطلق كل ما كان بعيداً عن قيود (المؤامرة) التي كبلتنا مرات عديدة.
وعلى دروب الخير نلتقي.