شوقية بنت محمد الأنصاري
«معاً نبدأ» شعار أطلقته وزارة التعليم منذ عام إلى أن حلت سحابة غيم عازلة للحياة النمطية، وبين عشية وضحاها تغيّرت النبرات نحو «الدراسة عن بُعد» وما زال الحسّ الصوتي لشعار «معاً نبدأ» يعيش بقيمه التواصلية في أوساط مجتمعنا السعودي بروح تعاونية لتمضي منظومة التغيير في التعليم عن بُعد بخطى مهندسة مدروسة، فتكررت تكراراً على لسان الطالب/ة والمعلم/ة والقائد/ة والمسؤول، وتهيأ لها الجمع من مؤسسات وأفراد بتفاوت الاستعداد، وقد جاءت جاهزية أغلب المتعلمين بطريقته البدائية بالكتاب والقلم والورقة، لا يملكون سوى جهاز متنقل للأب أو الأم أو الإخوة البررة، في حين تجد هناك طبقة مترفة يحمل المتعلم كتابه وقلمه وجهازه المحمول، وفي غرفته يجول بين المواقع التعليمية ومدرسته الافتراضية وخدمة إنترنت لوجستية، وشتان هو الفرق في ثقافة الأسرة ووعيها للتهيئة والاستعداد لواقع أصبح التعليم فيه عن بُعد، بل ما زال هناك منهم بعد مضي الأسبوعين لا يعلم من أين يبتدئ ويجد الحلول، ويستنجد بالمعلم للوصول لهذه الدروس لكثرة أبنائه وقلة إمكاناته، ولعل جهود وزارة التعليم وسياستها الإجرائية لتيسير التعليم لجميع المتعلّمين وضمان تمكنهم من الاستفادة الفعلية من الدروس التفاعلية التي جاءت في حلة تقنية احترافية، واكبت تطلعات منسوبيها في منصة تفاعلية مدرسيّة، التنقل بين مساراتها وفصولها ومهامها بات أمرًا حتميًا للتعلّم بمعايير ذات جودة تقنية متقدمة يلتقي فيها عنصرا عملية التعليم (المعلم- المتعلم) بكل براعة.
ويظل السبق لمن يمتلك المهارة التقنية ليفوز باللقاء ونشر العلم بفاعلية، وهذا جوهر شعار (معاً نبدأ) حيث برهنة كثرة الإرشادات والتعليمات والتدريبات لغة النفع في أوساطنا التعليمية، وما زلنا نقول إنه هناك عائق لتحقيق الوصول، فشاهدنا من الميدان من خرج من عزلته ليصل لدار كل أبنائه وطلبته ويتفقد أحوالهم لضمان توفّر المعينات للتعلم من أجهزة حاسوبية وشبكات إنترنت وغيرها، لتشكل الاتصالات التحدي الأكبر في سبيل إيصال فرص التعلم للجميع، وهذا المحك يستدعي من وزارة التعليم التروّي وتخفيف الجدول المدرسي، وتوخي الحذر في رصد الغياب والحضور، وتمكن الطالب من إيصال واجباته والحلول، فقد كانت التحديثات والتحسينات اليومية على المنصة سبباً في خلل بعض استخدامات أيقوناتها من قبل المستخدمين.
ورغم ذلك فقد شاهدنا المتعلم والأسرة أمام هذا التحدي الأكبر ودورهم في إبراز ثقافة الوعي لديهم، حان الوقت لتوجهات تقنية إلزامية تفرضها علينا سياستنا التعليمية الوطنية وليست الترفيهية التي طغت وفرضت نفسها تحكّمًا في قرارات صادرة من الطفل قبل الأسرة، إنني أرى اليوم المجموعات التواصلية تعجّ ضجيجاً بأصوات الأمومة والأبوّة بحثًا عن حلول تقنية ليصل صوت العلم لأبنائهم بكل أريحية والأجمل هو مرافقتهم لذويهم الحضور عبر دروس العلم التفاعلية الافتراضية وأطمع في رجائي لكل أسرة هي اليوم المدرسة الحقيقية لأبنائها في مواصلة الشغف وتحفيز مهارات الطفل واستثمارها، حيث أرقب بعد مضيّ الشهر والشهرين أن يقف المتعلم معلماً لأقرانه يدير فصله الافتراضي بمهارة وجودة عالية ويشاركه معلمه الإشراف والتوجيه لننقل منصة مدرستي لحلة ابتكارية يقودها هؤلاء الأجيال النجباء.
ولا ننسى دور القلم والكتابة في تحسين جودة المهارات الكتابية للمتعلم وتلخيص يومياته التعليمية في سرد قصصي يثري خبرته المعرفية وحتى لا تتسبب كثرة استخدام التقنية في محو مهاراته الكتابية.
إننا بهذا السيناريو المسرحي التشاوري بين الأسرة والمدرسة نرسم خطى الارتقاء لنحقق لوطننا النماء ونزرع في أجيالنا الفخر بوطنهم، ونجدد فيهم روح الانتماء ولتمضي رحلتهم العلمية في سلام فكلنا نحوهم مسؤول.