رجاء العتيبي
بالأمس واجهت إحدى القنوات الفضائيات العربية سيلاً من النقد بسبب أخطاء في التحرير, وقبلها قنوات أخرى تعرضت للموقف نفسه, ما يعطي مؤشرًا ببروز وعي المتلقي تجاه المادة الإعلامية التي تقدمها المؤسسات الإعلامية, كان هذا الوعي - في السابق - يصدر من نخبة من المثقفين واليوم بات - بفضل قنوات الإعلام الاجتماعي Social Media ـ يصدر من المجتمع بشرائحه كافة, لينشأ معه جبهة ضغط ضد أي تهاون أو أخطاء أو تكاسل أو فساد في تلك المؤسسات التي تمثله.
المواطن هو عين واعية تحرس مؤسسات الدولة, والوعي الإعلامي الذي بات جزءًا من صفات كثير من الأفراد يجعلنا أكثر ثقة بجيلنا الحالي مهما حاول البعض الإساءة إليه, ولا يضيره تلك التفاهات التي تنتشر في قنوات الإعلام الاجتماعي, باعتبارها لا تمثل الكل ولا تعكس مقدار ما يملكه المواطن من عقل مؤثر وتاريخ مشرف في الدفاع عن وطنه.
رئيس التحرير مهمته كبيرة وعظيمة وخطيرة, فإذا لم يكن لدى المؤسسة الإعلامية رئيس تحرير (سوبر، خبرات متراكمة, خبير بالعلاقات الدولية, متابع للحراك الاجتماعي, ذكاء, منطق, مهنية, موضوعية...) إذا لم يكن لديه كل ذلك وأكثر لن ينهض بعمله, وإذا أخطأ ستكون أخطاؤه كارثية.
المؤسسات الإعلامية لا مجال للمغامرة فيها, ولا مجال للصواب والخطأ, ولا مجال للتجريب, ولا مجال لإهمالها, إما أن تنشئ مؤسسة إعلامية قادرة على التأثير والمنافسة وإلا فلا.. لا مجال لأنصاف الحلول, وكذلك الأخطاء إما أن تعالج بحلول جذرية أو أن الفشل سيكون المصير الأوحد.
أصحاب المصالح والدخلاء وأنصاف الموهوبين لن يعدلوا شيئًا، لأن التغيير يفسد عليهم مكاسبهم, وسيظلون يثبتون الوضع على ما هو عليه حتى آخر لحظة, لذلك جاء الوعي الاجتماعي بأهمية الإعلام وحمايته من الغرباء قنبلة كشفت (كائنًا من كان), لم يعد القلم المثقف وحده الذي يصارع الأخطاء, أصبح الكل يعرف ويكتشف الأخطاء.
إذا كان (النشاز) يكشف ضعف المطرب والعمل الموسيقي فإن (الأخطاء التحريرية) تكشف ضعف رئيس التحرير في أي موقع وأي مكان وأي مؤسسة إعلامية, الأخطاء المتكررة والكارثية وغير المحسوبة, باتت مكشوفة للكل, لم تعد (فطنة القارئ) أو (فطنة المشاهد) حلاً، ربما كان في ما مضى حلاً مقبولاً، وتبريرًا (تسليكيًا) أما الآن، إما أن يكون رئيس التحرير وطاقم العمل في مستوى المسؤولية إعلاميًا ووطنيًا وإلا فإن الترجل من كرسي رئاسة التحرير أمر حتمي, فإن لم يبعده مجلس الإدارة فإن الوعي الاجتماعي كفيل بعزله.