د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
عوَّلت رؤية المملكة 2030 على مساهمة القطاع الخاص في قيادة التحوُّل، ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المئة عام 2030 من 40.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من 2019 مقابل 39.6 في المئة في الفترة نفسها من عام 2018.
وتقدَّم صندوق الاستثمارات العامة إلى المركز الـ8 بين أكبر الصناديق السيادية في العالم بقيمة 360 مليار دولار بعد أن قفز الصندوق من المركز الـ31 في عام 2015 إلى المركز العاشر بعد إعادة هيكلته برئاسة سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد لمجلس إدارته سعيًا لتعزيز دور الصندوق كمحرك فاعل لتنويع الاقتصاد السعودي، وتعميق دور القطاع الخاص بجانب اقتناصه العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة عالميًّا، بجانب احتياطيات ساما 449 مليار دولار بنهاية مايو 2020، وهي بذلك تحتل المركز الخامس دوليًّا من حيث إجمالي الاحتياطيات النقدية.
ويهدف صندوق الاستثمارات العامة إلى تمكين القطاع الخاص في إطار تثبيته تأسيس 10 قطاعات جديدة في الاقتصاد الوطني، أفرزت إنشاء 30 شركة قائمة، تمارس عملها في شرايين الأنشطة المحلية باعتبار أن القطاع الخاص المحرك الرئيسي لعملية النمو الاقتصادي؛ الأمر الذي يعطي الاقتصاد السعودي عمقًا أكبر في ظل المرونة وروح المبادرة التي يمتلكها القطاع الخاص.
أسهم صندوق الاستثمارات العامة من خلال استثماراته النوعية التي أسهمت في تأسيس قطاعات حيوية مهمة من خلال الشراكة وتوليد الفرص الاستراتيجية الكبرى، ولم يكتفِ بتأسيس شركات جديدة، بل أسهم في تطوير المشاريع الكبرى كما في قطاع الصناعات العسكرية التي أسس بها شركة «سامي»، وفي قطاع الترفيه عبر شركة القدية، وفي التجارة الإلكترونية عبر شركة نون، والمدن العالمية الحديثة نيوم، وفي الاستثمار السياحي عبر شركتَي البحر الأحمر وأمالا، وأيضًا شركات التدوير والخدمات اللوجستية. كذلك توطن السعودية صناعة الطائرات دون طيار بأول مشروع لتطوير منظومتها محليًّا، تتولاه شركة إنترا للتقنيات الدفاعية.
كما شجّع الصندوق بالتعاون مع لوسيد موتورز في قطاع صناعة السيارات على إعادة النظر في إمكانات وقدرات السيارات الكهربائية. ويركز الصندوق على تدريب الشباب السعودي المبتكرين الذين لديهم قدرة في صياغة صناعة مستقبل الاقتصاد السعودي، حيث مقر الشركة بوادي السليكون. ومن المقرر أن تطلق الشركة نموذجها الإنتاجي الأول للسيارة لوسيد إير.
اتجهت السعودية نحو تعزيز صناعاتها وقطاعاتها غير النفطية ببنك الصادرات من أجل أن تسهم الصادرات غير النفطية من 16 في المئة إلى 50 في المئة، وفي الوقت نفسه اتجهت الدولة نحو حماية 10 صناعات سعودية مستهدفة بالحماية من المنافسة غير العادلة وفق 4 معايير، من بينها منتجات الحديد والأسمنت الأبيض والدواجن والأسماك، بجانب إنشاء بنك لتمويل المنشآت الناشئة.
وهناك حشد استثماري يطلع على 100 فرصة طرح حكومي مستهدفة في السعودية، يقودها المركز الوطني للتخصيص؛ إذ حققت السعودية أكبر زيادة في الاستثمارات الأجنبية خلال 10 سنوات؛ فدخلت 1130 شركة جديدة السوق خلال عام واحد في 2019، ارتفعت بنسبة 54 في المئة عن عام 2018. وكانت السعودية قد احتلت المرتبة الثانية بين أفضل الوجهات الاستثمارية في العالم لعام 2019 بحسب تقرير لموقع يو إس نيوز الأمريكي الذي ضم 80 دولة، وهي نتيجة إصلاحات اقتصادية، جعلت السعودية تشهد تحولاً اقتصاديًّا هائلاً.
وكان البنك الدولي قد أشاد في تقريره بسهولة ممارسة الأعمال؛ إذ وضع السعودية في المرتبة الأولى بين الدول الأسرع تحسنًا وإصلاحًا على مستوى العالم؛ لتتقدم بذلك 30 مركزًا في التقرير لعام 2020؛ وهو ما يعزز من جذب المستثمرين، وتوطين التقنية، ونقل المعرفة الذي يُسهم في تمكين القطاع الخاص لتوفير الوظائف، وخصوصًا أن 30 في المئة من الاستثمارات الأجنبية على شكل شراكات أجنبية مع القطاع الخاص لتمكين المستثمر المحلي، وتعزيز موقعه في مختلف المجالات الاستثمارية. وبلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية في الربع الثاني من 2019 نحو 449.3 مليار دولار، ارتفعت من 17.5 مليار دولار في عام 2000، ونحو 158.8 مليار دولار عام 2010، وتصدرت 20 دولة عربية قائمة أكثر البلدان جذبًا للاستثمار الأجنبي.
وتتسارع خطوات تمكين القطاع الخاص لدور فعّال لتحقيق 13 برنامجًا تنفيذيًّا بهدف تحقيق الأهداف الاستراتيجية الـ96 لرؤية المملكة 2030. وجائحة كورونا أثبتت حكمة رؤية 2030، وارتفع عدد المشتغلين السعوديين إلى 3.17 مليون مشتغل بنهاية 2019، ومعدل المشاركة الاقتصادية للسعوديات تجاوزت أهداف التحول الوطني المحددة في 2020 بنحو 25 في المئة، لكنها بلغت 25.9 في المئة بعدما كانت 17.4 في المئة عام 2017.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة