عمر إبراهيم الرشيد
هل يمكن تصنيف اللعبة الشعبية الأولى وهي كرة القدم ضمن أشكال القوة الناعمة؟ بنظرة سريعة إلى عالم المستديرة الساحر نستطيع الإجابة سريعاً على هذا السؤال. فالاتحاد الدولي للعبة يعد أغنى مؤسسة دولية غير حكومية على الإطلاق، وله من النفوذ والقوة ما يجعل رئيسه يعامل كمعاملة رؤساء الدول. ليس هذا بالطبع السبب الوحيد ولا هو الأول، وإنما نظرة إلى اللاعبين الأجانب سواء في ملاعبنا أو ملاعب العالم بشكل عام، فاللاعبون الأفارقة والأجانب وجدوا في اللعبة مصدر رزق وفير لهم ولأسرهم، بل لمجتمعاتهم الصغيرة وأقصد القرى أو البلدات التي ولدوا ونشأوا بها، خاصة حين وجدوا في ملاعب أوروبا الفرص لرفع أنفسهم ومجتمعاتهم من خلفهم. وانظر الى المدربين ومساعديهم كذلك، بل إلى المنتخبات وما تحدثه في المسابقات الدولية وعلى رأسها كأس العالم، من رفع علم بلادها وبالأخص حين تحرز الكأس. هذا إلى جانب أن هذه اللعبة أصبحت صناعة قائمة تدر المليارات على مؤسساتها وأفرادها من مدربين ولاعبين ووسطاء وسماسرة، إلى جانب الأندية الشهيرة التي تمتلك أصولاً وميزانيات تعادل ميزانيات دول فقيرة. إذا فنحن نتحدث عن قطاع حيوي يتعدى المجال الرياضي إلى مجالات اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية.
ذكرت اللاعبين الأجانب من ناحية أن اللعبة أصبحت مصدر رزق للمغتربين منهم في جميع الدول، ولا نغفل لاعبينا بالطبع وهذا مقصد الحديث، فمعظم اللاعبين يتقاضون رواتب ضخمة واللهم لا حسد، ومع نظام الاحتراف لدينا الذي تنقصه الكثير من الضوابط في رأيي، فإن القطاع الرياضي لدينا تظهر نتائج حسن أو سوء الإدارة سريعاً أو بشكل ظاهر أكثر ربما من غيره من القطاعات. ولعل تأخر تخصيص الأندية وتحويلها إلى كيانات تقوم على أسس إدارية واقتصادية ورياضية سليمة هو ما يسبب تخبط كثير من أنديتنا وغرق بعضها في الديون سريعاً ومن ثم تدهورها بعد أن كانت تحصد الذهب سابقاً. وكمثال على ما أقول، انظروا إلى سرعة تبديل المدربين بمجرد انهزام الفريق ولو لمباراتين فقط، مما يدل على ضعف أو انعدام التخطيط طويل الأمد واستعجال النتائج والعاطفة بدل العقلانية. ولم أسمع أن نادياً سعودياً خصص ضمن طواقمه أخصائياً نفسياً أو اجتماعياً، كما لم أسمع عن تخصيص محاضرات ودروس للاعبين في المجال النفسي والاجتماعي، ولا في المجال الصحي والتخطيط الاستثماري والادخار، ولذلك نسمع عن قصص لاعبين طوحت بهم ظروف قاسية، رغم أنه كان بالإمكان بعد توفيق الله تلافي معظم تلك القصص، وتحول اللاعبين لدينا الى أمثلة اجتماعية واقتصادية ناجحة للشباب والكهول على السواء.
ولا يمكن تحميل وزارة الرياضة والشباب كل سلبيات الحركة الرياضية لدينا، وللحق فإن الوزارة بدأت التخطيط منذ فترة ولجميع الألعاب ونشد على أيدي وزيرها وجميع مسئوليها، إنما يبقى الجانب الإرشادي والإشرافي فيما ذكرته آنفاً على عاتق الوزارة أولاً، في إعادة تشكيل الثقافة والعمل الإداري والاحترافي والرياضي بشكل عام وهو ما نأمل بدايته منذ انطلاق التحول والرؤية، وللحديث بقية والله يرعاكم.