ليالي السبيعي
نحن في زمن نسأل الله فيه الثبات في مشاعرنا..
لأنه لا حديث أصبح ذا جدوى مع من يتعمدون ضرب المشاعر وإتلافها؛ وبالتالي هدم روح إنسان كان يتمنى أن يعيش حياته بحب وأمان.
ولا لغة جسد باتت تُفهم صحيحة للمتعمقين بها.. أصبحوا يفهمونها بمزاجيتهم وعقولهم التبعية.. ولا حتى لغة روح ونبرة صوت يشعر بها الآخرون.
أصبحنا في المزاجية المترفة، والتبعية المميتة، والمشاعر المزيفة..
فلان لديه من الصيت المالي الكثير.. بنينا له صروحًا مشيدة من التبجيل والتقديس.
فلانة (بلوقر)؛ نفرش لها الأرض وردًا وحريرًا، وهم في الأصل لا يملكون لنا ودًّا ولا نورًا..
أصبح الناس في عجلة من مشاعرهم أكثر من عجلة أمرهم.. (مشاعر مهدرة، لا مصدر لها ولا قاع)..
أصبحت المشاعر المزيفة، أو بمعنى أكثر دقة الإفراط في العطاء في غير أهله، بلا مناسبة وبلا روية. يؤلمني جدًّا أن أغلب الناس باتوا بلا أهداف روحية سامية.. وخطط مرسومة للسمو بعلاقاتهم الاجتماعية الجميلة.
لا أتحدث عن شخص بعينه، أو فئة معينة، بل أتحدث بصفة عامة وشمولية مما بت أراه في المجتمع المحيط..
لنكن أذكياء في عواطفنا.. (في الزواج، وفي الأمومة، وفي القرابة والصداقة)
أصبحت تترد على مسامعي كثيرًا (الولاء والعطاء للبعيد أكثر من القريب).
لماذا..؟ لماذا أصبحنا هكذا.. وما هو سبب إهدار تلك المشاعر في غير محلها؟..
طاقات من المشاعر المزيفة مهدرة و(وقتية)، لا أرواح تقدرها، ولا تضعها محل اعتبار..
قدِّروا مشاعركم.. حافظوا على الكنز الثمين الذي رزقكم الله إياه بلا حساب..
لا تنقادوا في زمن باتت المشاعر فيه تُباع وتُشترى..
أعطوا مشاعركم لمن يستحقها فقط.. ويقدرها، ويحتفظ بها.. لا تهدروها لمن يلقي بها على الطريق ويرحل.. وكأنها لم تكن..
لا تكونوا في زمن شاعر بلا مشاعر..
كونوا في زمن الكلمة الطيبة صدقة.. والابتسامة الصادقة صدقة، والعطاء بحب صدقة.. وتقدير ذات الآخرين ومشاعرهم فعل إنساني عظيم..
لتكن مشاعرنا كنوايانا؛ لأن الأعمال بالنيات.. ولكل امرئ ما نوى..
لنتحرر من زمن مزاجية المشاعر واختلاط النوايا..
لنكن مثلاً لمن هم يخلفونا..
لنكمل طريق مَن سبقونا في الخير والحب ونقاء المشاعر والعلاقات..
لنبتعد كليًّا عن أسلوب التعظيم والتبجيل إلا لمن يحمل راية الخلق العظيم كما قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، ولم يقل «شأن عظيم أو مال عظيم أو مستوى عظيم».. كونوا رمزًا مؤثرًا وعلمًا رفيعًا من الثقافة الروحية العالية.. كي نكون بخير.