تابعت باستمتاع الحلقة الجديدة التي بثها الرائد الكشفي محمد عطية العلي، من على قناته على اليوتيوب، ضمن الحلقات التي بدأ في إعدادها وبثها عن رواد الحركة الكشفية بالمملكة، والتي جاءت هذه المرة عن رمز من رموز الكشافة السعودية سعد بن محمد الصفيان الذي تعرفت عليه منذ كنت طالباً وهو مشرفاً كشفياً بوزارة المعارف -آنذاك- حينما كان يزور محافظة وادي الدواسر للإشراف على تقييم مسابقة التفوق الكشفي، والتقيته عدة مرات بمسابقة التفوق المركزية في أبها ونجران والأحساء والجوف ومكة المكرمة، ومن ثم بعد أن أصبحت قائداً كشفياً التقينا في مناسبات عدة بالحج وغيره حتى توطدت بيننا علاقة قوية نتبادل الاتصالات وأحرص على مقابلته بجمعية الكشافة أو الوزارة كلما زرت الرياض، خاصة وأنني كنت أجد منه اهتماما بالإعلام الكشفي في الوزارة وفي الجمعية، وأتذكر في ذلك المجال أنه عام 1412 تقريباً اتصل بي وقال لي متى ستأتي للرياض، قلت خلال أسبوع تقريباً، وبالفعل ذهبت للرياض وقابلته وعرض علي موضوعا كتبه بخط يده عن الإعلام الكشفي قال إنه يرغب إرساله للمنظمة الكشفية العربية لنشره في إحدى مطبوعاتها ويريد أخذ رأيي فيه، فقرأته وأعجبني مضمونه جداً خاصة وهو يتطلع فيه الى الكثير من الآمال، ويتمنى أن يساهم الإعلام في تحقيق أهداف الحركة الكشفية، فاستأذنته بتصويره وقال لك ذلك، وقلت رأيي في بعض النقاط وتناقشنا حولها وأيدني في بعضها وأقنعني هو برأيه في بعضها الآخر، وكان مما جاء في ذلك المقال الذي لا أعرف هل نشر أم لا « مما لاشك فيه أن العمل الناجح لابد له من إعلام جيد يبرزه، والحركة الكشفية لها مساهمات عديدة وكثيرة من أجل خدمة المجتمع والمساهمة في تربية الشباب وتقديم المفيد والجيد لهؤلاء الشباب ومع الأسف فإن الإعلام الكشفي يكاد يكون معدوماً تماماً في العالم العربي، ولهذا علينا أن نحدد الأسباب التي جعلت هناك تدنيا ومنها: تركيز القادة الكشفيين على الاهتمام بالبرامج وأسلوب تنفيذها وتنويعها مع إهمال الإعلام عن هذه البرامج وفوائدها لنستطيع أن نكسب أعضاء جددا في الحركة الكشفية، وعدم وجود كوادر كشفية إعلامية متفرغة تفكر في هذا الجانب وتعطيه أهمية بالغة وتقدم أفكارا فعلية، وعدم وجود تنسيق بين وزارات الشباب في الدول العربية ووزارات الإعلام من أجل عمل برامج إعلامية وبرامج إخبارية عن أنشطة الكشافة العربية، وكذا عدم وجود قادة كشفيين قدرين على عمل البرامج التلفزيونية والإعلامية لإقناع المسئولين في وزارات الإعلام بذلك، فضلاً عن عدم اقتناع بعض المسئولين في الصحف اليومية ووزارات الإعلام بالدور الذي تؤديه الحركة الكشفية، وعدم دعوة الإعلاميين المتفرغين لزيارة الأنشطة الكشفية والمعسكرات والاطلاع على دور الكشافة عن قرب.
ودعا في ذلك المقال إلى أهمية إقامة دورات في الإعلام لزيادة خبرات القادة في النواحي الإعلامية على المستوى المحلي، وعمل ندوات إعلامية لتثقيف القادة بالدور الإعلامي المهم في الحركة الكشفية، وعمل ندوات على مستوى عالمي يدعى إليها وكلاء وزارة الإعلام في كل الدول العربية، مع رؤساء تحرير الصحف والمجلات وعرض الموضوع لدراسة أسلوب التغلب على ذلك، وتشجيع الصحفيين والكتاب ليساهموا في الكتابة عن الحركة الكشفية عن طريق دعوتهم في المعسكرات والحفلات.
الذي دعاني إلى الإشارة الى ذلك الموضوع بالذات أن غالبية ما طرحه -يرحمه الله- أصبح واقعاً في إعلامنا الكشفي حيث بدأ يأخذ اهتماماً من المعنيين بالأمر سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، بل وحتى العالمي، وهو بكل تأكيد استشراف خبير.
وفي عام 1422هـ التقيته خلال حضوره اللقاء الأول لتنمية القيادات الكشفية الذي عقد بالغرفة التجارية بالرياض، ورعاه حينها معالي الدكتور محمد الأحمد الرشيد -رحمه الله- رئيس جمعية الكشافة في ذلك الوقت، ودار حديث جانبي بيننا ومعنا بعض الزملاء ومنهم مفوض الإعلام السابق بجمعية الكشافة ماجد بن محمد الرشيد، الذي سجل الكثير من مقتطفات الحديث، وتناقشنا حول المأمول من رابطة رواد الحركة الكشفية التي تم إشهارها عام 1419هـ بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز -رحمه الله- نائب أمير منطقة الرياض في ذلك الوقت، فكان مما قاله ونشرناه في وقتها بمجلة السارية « التي تصدرها جمعية الكشافة يجب أن يعلم الرواد أن عملهم بالنشاط الكشفي قد انتهى وأن دورهم اليوم هو المساعدة والاستشارة متى ما طلب منهم ذلك وأنه أصبح لهم نشاطهم الخاص بهم الذي لا يتعارض مع الأنشطة الكشفية الاخرى وأنه على ثقة أن زملاءه رواد الحركة الكشفية لديهم الاستعداد لبذل المزيد من الجهد في خدمة الحركة الكشفية وتقدمها متى ما أتيحت لهم الفرصة وسيكون دورهم عاملاً مساعداً وقوياً للقيادات الكشفية العاملة في مجال الحركة الكشفية من خلال إجراء الدراسات والبحوث الكشفية وإثراء المكتبة الكشفية بخبراتهم وتجاربهم المختلفة. وإلقاء بعض المحاضرات عن تاريخ الحركة الكشفية وما مرت به من تجارب للاستفادة منها في تطوير العمل الكشفي.
وقال في حديثه ذلك الوقت يجب الاستفادة من المتخصصين علمياً وفنياً من الرواد، وإتاحة الفرصة لهم في مختلف المناسبات الكشفية للتحدث عن تجاربهم في الحركة الكشفية، والالتقاء بالقادة والكشافين والجوالة وحتى الطلاب لكسبهم كأعضاء جدد بالحركة.
رحمك الله أبا فهد فقد كنت قائداً كشفياً وطنياً ملهماً، استمعت الى المتحدثين في الحلقة اليوتيوبية، والذين عرضوا جزءا من خصالك الحميدة، وقدراتك القيادية العجيبة، ووطنيتك المخلصة، والأثر الذي حرصت أن يبقى بعد رحيلك وهو ما حدث حيث ينعم به جيل اليوم.
ما أجمل الوفاء من الأوفياء، كان حديثهم من القلب، فوصل الى القلوب، شكراً لمن أعد تلك الحلقات التي تحفظ ولو جزءا يسيرا من تاريخ رواد كشافة مملكتنا الغالية.
** **
- مبارك بن عوض الدوسري