محمد آل الشيخ
في اجتماع أمناء الفصائل الفلسطينية الذي عُقد بعيد اتفاقية السلام الإماراتية - الإسرائيلية ظهرت تلك الفصائل على حقيقتها، وثبت ما كنا نقوله ونردده، ومؤداه: (القضية الفلسطينية أعدل قضية يدافع عنها أفشل بل أغبى محامين على وجه الأرض). أضف إلى ذلك أن أحد قادة تلك الفصائل (حرض) الفلسطينيين الذين يعيشون في الخليج على الثورة، وهو بذلك يريد أن يقول إن الفلسطينيين هم (قنبلة موقوتة) في تلك الدول، يجب أن تفجّر استقرارها. وهذا ما أثار قلق وخوف فلسطينيي الخليج، وخشوا أن يتم طردهم بحجة أنهم قد يكونون عاملاً من عوامل عدم الاستقرار؛ الأمر الذي جعل وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد يطمئنهم، ويؤكد لهم أن مثل هذه التصاريح غير المسؤولة لن تغير من ثوابتنا في التعامل الأخوي والكريم مع الفلسطينيين الذين يعيشون بين ظهرانينا. ولهذا (الصاعقي) الأهوج أقول: الفلسطينيون في الخليج لا يعيشون في مخيمات، مثل بقية اللاجئين في الدول العربية، ولا يحرمون من العمل في أي مهنة يتقنونها، بل يعيشون بيننا، ويمارسون في أسواق العمل أي مهنة. ونحن نعلم أن الفلسطينيين في الخليج محسودون من قِبل فلسطينيي المخيمات في الدول العربية، كما أكد لي أحد الفلسطينيين الذي وُلد ويعيش في المملكة، وليس لدي أدنى شك أن تصريحًا تحريضيًّا كهذا يمثل خير تمثيل لهذه الفئة الحاقدة من الفلسطينيين.
أما القول بأنهم هم من علّمونا، وبنوا بلداننا، فهو قول مردود؛ فهم لم يعملوا ذلك تبرعًا لوجه الله تعالى، وإنما بأجر أقام أودهم، ومكّنهم من العيش الكريم، وشاركهم في ذلك أيضًا المصريون والسوريون والأردنيون والباكستانيون، بل يمكن القول أغلب الدول الآسيوية، بل إن فخر التنمية السعودية الصناعية في الجبيل وينبع لم يشارك الفلسطينيون فيها إلا في المهن الكتابية والمتواضعة، بينما كان للدول الآسيوية اليد الطولى فيها، ولم يأتنا الهنود مثلاً ولا الفلبينيون يمنُّون علينا بذلك؛ لأن الأمم المتقدمة والراقية يدركون في اقتصاد اليوم قانون (المصالح المتبادلة)، فإذا كانت تلك الدول شاركت في بناء نهضتنا فنحن أيضًا قد ساهمنا بامتصاص البطالة في بلدانهم، ووفرنا لرعاياهم الحياة الكريمة. وهذا أيضًا ما ينطبق على العمالة الآسيوية، وفي مقدمتها الصين، التي شاركت في بناء نهضة الولايات المتحدة، فهل جاء الصينيون و(منُّوا) على أمريكا من هذا المنطلق كما يفعل هؤلاء الأمناء المتخلفون؟
أما قول عباس محمود إن قضية فلسطين هم حصرًا المسؤولون عنها، ولا يحق لأحد أن يتحدث عنها، فهو ما أوافقه عليه جملة وتفصيلاً؛ فالقضية قضيتهم، وليست قضيتنا، ويجب ألا يغضبوا ويشتموا عندما يقول العربي والمسلم إن القضية الفلسطينية ليست قضيتي؛ فها هو أبو مازن يؤكد ما نقول.
بقي أن أقول إن اجتماع أمناء الفصائل الفلسطينية ذكّرني بقول الشاعر:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جُهّالهم سادوا
ولا أعتقد أن ثمة جهالاً في فلسطين مثل هؤلاء الأمناء.
إلى اللقاء.