سفر السالم - الرياض:
أسهمت برامج بنك التنمية الاجتماعية حتى منتصف العام الجاري 2020 م في دعم وتمويل 85 ألف أسرة منتجة بقيمة 1.2 مليار ريال من خلال الجمعيات التنموية، وشركاء التمويل متناهي الصغر في مختلف مناطق المملكة، منها قروض ميسرة متناسبة مع مراحل نمو أنشطة الأسر، وبناء القدرات والتدريب، فضلاً عن إنفاذ المنتجات للأسواق وتخصيص حاضنات الأعمال وغيرها. وجاء إقرار مجلس الوزراء العام الماضي للائحة التنظيمية للأسر المنتجة بهدف تنظيم أعمالها وتطويرها، وأنشئت لجنة دائمة برئاسة البنك وعضوية عدة جهات حكومية ذات علاقة لتحديد الأدوار وتوحيد الجهود ورفع مستوى التعاون لتنمية هذا القطاع الوليد الذي توليه الدولة عناية كبيرة، وعلى إثره قام البنك بدراسة فجوات احتياجات المستفيدين عبر دراسة معمقة لحوالي 42 نقطة اتصال في رحلة نمو الأسر المنتجة وهي مرحلة ما قبل التأسيس ومرحلة التأسيس والتشغيل والنمو والتجسير، وخرج البنك من هذه الدراسة باستراتيجية طويلة الأمد مع الشركاء لتعزيز وتمكين الأسر المنتجة ورفع اقتصاداتها، وجرى تعريف أربعة ممكنات أساسية لتنمية وتطوير الأسر المنتجة هي: التشريعات والأنظمة، وتحسين البنية التحتية للقطاع و تحفيز وتشجيع الطلب والحلول المالية. وعلى صعيد التشريعات والأنظمة، أصدر البنك عام 2019 م الدليل الإجرائي للأسر المنتجة بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة المنصوص عليها في لائحة الأسر المنتجة، وكذلك صدرت عدد من الدعائم التشريعية لتعزيز أعمال الأسر المنتجة وحمايتها منها نظام مكافحة التستر، فيما أطلقت حديثاً خدمة إصدار شهادات تسجيل الأسر المنتجة من خلال المنصة الوطنية للأسر المنتجة لتحويل تلك الأسر إلى كيانات اقتصادية معرّفة لتعزيز موثوقية منتجاتها وتسهيل تقبلها في السوق، إذ بلغ عدد الأسر المنتجة الحاصلة على الترخيص 12 ألفا حتى الآن. وعلى مستوى تحسين البنية التحتية للقطاع، عمل البنك على تهيئة البيئة الداعمة من خلال تمكين أكثر من 113 جمعية تنموية، وإنشاء وحدات تمويلية داخل هذه الجمعيات، وتدريب أكثر من 1300 من منسوبي هذه الجمعيات ورفع قدراتهم كخطوة أساسية نحو تحويل أعمال الجمعيات لمزاولة التمويل متناهي الصغرلخدمة الأسر المنتجة حول المملكة. وتتضمن جهود البنك في هذا الصدد تقديم برامج التأهيل والتدريب وبناء القدرات المتخصصة خاصة للسيدات بالتعاون مع مراكز تأهيل رائدة مثل مركز نفيسة شمس،مركز جمعية الأيدي الحرفية بمكة المكرمة، وجمعية حرفة النسائية بالقصيم، ومؤسسة نماء المنورة بالمدينة المنورة وجمعية جنى، وجمعية الأنامل المبدعة للحرف والمهن وغيرها، ليبلغ عدد المستفيدين من البرامج التدريبية 50 ألف مستفيد، منها 7 آلاف مستفيد خلال 2020 م. وتغطي خدمات البنك دعم تأسيس ورعاية حاضنات الإنتاج لتوفير مساحات العمل وحلول التغليف والتعبئة وبناء الهوية للمنتجات، مثل حاضنات الأغذية منها المطبخ المجتمعي مع جمعية ريف بمدينة الرياض، وجمعية بلجرشي الخيرية في منطقة الباحة، وجمعية ساعد وجمعية إسهام في منطقة الحدود الشمالية، بالإضافة إلى حاضنة متخصصة في إنتاج الأثاث والمفروشات مع جمعية الأنامل المبدعة في منطقة جازان، ويجري الإعداد حالياً لتأسيس ثماني حاضنات إنتاج متخصصة في عدة مجالات ذات علاقة بالميزة النسبية لمنطقة المدينة المنورة بالتعاون مع مؤسسة نماء المنورة. وفيما يخص تحفيز وتشجيع الطلب بغية وصول منتجات الأسر المنتجة للأسواق، يقوم البنك بمساعدة هذه الأسر في تسويق منتجاتها وإنفاذها لمراكز البيع وصمم عددا من المبادرات في هذا السياق، أهمها مبادرة يمام كافيه: وهي مساحة عمل مجهزة لإعداد وبيع المنتجات الغذائية لمنسوبي الجهات الحكومية والخاصة عن طريق تشغيلها من الأسر المنتجة، وافتتح خلال الفترة القصيرة الماضية 12 فرعا في كلِ من الرياض
والدمام و جدة وحائل والقصيم، ويجهز البنك لافتتاح 25 فرعاً جديدا بالتعاون مع جمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم لإطلاق هذا المنتج في المنشآت والمرافق الرياضية، وكذلك مبادرة تطوير وتوسيع حضور الأسر المنتجة في تشغيل المقاصف المدرسية: وبالاتفاق مع وزارة التعليم والجهات الحكومية ذات العلاقة مكّن البنك أكثر من 430 أسرة لتشغيل المقاصف المدرسية في أغلب مناطق المملكة ويجري التوسع في البرنامج. وأطلق البنك كذلك مبادرة نوافذ الأسر المنتجة لضمان وصول منتجاتها إلى الأسواق والمتاجر الكبرى، وعرض من خلالها أكثر من 100 منتج على رفوف البيع لهذه المتاجر، مما أسهم في رفع جودة منتجات الأسر من خلال التنافس الحر مع القطاع الخاص، في حين شهدت مبادرة توفير الأكشاك الصغيرة قبولا عريضا من الأسر المنتجة العاملة، إذ تجهز أكشاك مناسبة لعرض هذه المنتجات بالتنسيق والتعاون مع الأمانات والبلديات في المناطق، وتم حتى الآن التعاقد لتأسيس وتشغيل 98 كشكاً في مناطق متنوعة، علاوة على ذلك ينشط البنك في توفير منافذ البيع المؤقتة للأسر المنتجة في الأسواق الموسمية والبازارات على مستوى المملكة، ويرعى هذه الأسر في المهرجانات الموسمية ليبلغ عدد مشاركات البنك خلال الثلاث سنوات أكثر من 200 فعالية ومهرجان رعى خلالها 1000 أسرة منتجة، أبرزها مهرجان الجنادرية حيث دعم البنك خلال ثلاث سنوات متوالية أكثر من 100 أسرة منتجة تجاوزت مداخيلها مليون ريال خلال مدة المهرجان فقط، وكذلك مهرجان بريدة للتمور ورعى البنك أكثر من 100 أسرة منتجة تقدم خدماتها ومنتجاتها المختلفة لزوار المهرجان، فيما يقدم البنك مسابقات تحفيزية للأسر المنتجة حيث أطلق أول مسابقة بهذا الشأن تحت مسمى «ثمر» دعماً وتشجيعاً لهذه الفئة. ويحرص البنك على توفير حلول مالية متوائمة مع مرحلة نشوء نشاط الأسر المنتجة تبدأ من قروض متناهية الصغر يبلغ متوسطها 12 ألف ريال وتصل إلى 200 ألف ريال، ويتنوع الدعم بين منهج التمويل الفردي للأسرة ومنهج التمويلات الجماعية لمجموعة من السيدات، ورغبة من البنك في تسهيل نفاذ الأسر المنتجة للخدمات، أطلق البنك مؤخرا المنصة الوطنية للأسر المنتجة وهي منصة تقدم خدمات متكاملة لتكون بمثابة one stop shop. ولأن الشمول المالي كمصطلح عالمي لصيق بمنهجية دعم الأسر المنتجة المرتكز بشكل أساسي على عنصري التمويل والادخار، فقد بلغ عدد التمويلات التي قدمها البنك للسر المنتجة 1.2 مليار ريال استفاد منها 85 ألف أسرة منتجة، وأتيحت مؤخرا برامج ادخارية مدعومة للأسر المنتجة من خلال المنصة، اشترك فيها عدد كبير من تلك الأسر ليصبح إجمالي المشتركين في برنامج البنك الادخاري 42 ألف مدخر بمبالغ تفوق 120 مليون ريال. وفي ظل الأحداث الاستثنائية لجائحة كورونا، بادر البنك بالتفاعل مع احتياجات الأسر المنتجة المترتبة من انخفاض الطلب على منتجاتها نتيجة الاغلاق، وذلك بإطلاق ثلاث مبادرات رئيسية:
- تأجيل السداد للأسر المنتجة: للتخفيف من الأعباء المالية على الأسر المنتجة، اعتمد البنك تأجيل السداد للأسر المنتجة المستفيدة من قروضه، حيث استفاد من هذه المبادرة 30 ألف أسرة منتظمة بمبلغ إجمالي 140 مليون ريال.
- مبادرة دعم إنتاج الوجبات: وأنتجت أكثر من 100 ألف وجبة مجانية عن طريق المطابخ المجتمعية المدعومة من البنك، تضامنا مع سكان الأحياء المغلقة.
- مبادرة إنتاج الكمامات القماشية: وجه البنك طاقة المعامل الإنتاجية في الجمعيات الشريكة المدعومة من البنك والمتخصصة في النسيج الى تصنيع الكمامات القماشية تلبية لحجم الطلب الاستثنائي في الجائحة وتم إنتاج ما يزيد على مليون كمامة ساهمت بشكل جيد في تشغيل العديد من الأسر. وفيما يتعلق بالخطط المستقبلية، فيطمح البنك لتوسيع دائرة التمويل للأسر المنتجة والأعمال الحرة بميزانية تفوق 10 مليارات ريال حتى عام 2030 ويخطط لاستثمار ما يقارب ملياري ريال في خدمات دعم الأعمال، وسيستمر بنك التنمية الاجتماعية في دعم ترخيص الأسر المنتجة بهدف إضفاء الطابع الرسمي على أكثر من 60 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة بحلول عام 2030. وأسهمت رؤية بنك التنمية الاجتماعية الطموحة في أن يكون رائداً في تمكين أدوات التنمية الاجتماعية وتعزيز الاستقلال المالي للأفراد والأسر نحو مجتمع حيوي ومُنتج في تكثيف جهوده المقدمة عبر 27 في المملكة وشركائه لخدمة مختلف المستفيدين من برامجه محدداً وبدقة الفرص الكامنة لأفراد المجتمع لتحقيق الاكتفاء والاستقلال المالي نهوضاً بها في قطاع الأعمال. وتمثل أنشطة الأسر المنتجة اليوم فرصة واعدة لتوفير حياة كريمة ومستقرة للفئات المستهدفة مما يساعد على إطلاق الإمكانات الكامنة لهذا القطاع الواعد.