تميم المسلم
ليس بالضرورة على الأفراد تبني ثقافة جديدة وإدخالها إلى أغلبية المجتمع الذي يجهلها أساساً، أو بل يكون هؤلاء الأفراد لا يفهمون الأسس الثابتة والراسخة للثقافة أو حتى المنطلق الذي تبدأ منه الأشياء وتعود إليها. بل الأفضل دراستها واستكشافها ومعرفتها وإدراجها داخل أوساط هذا المجتمع خطوة بخطوة حتى لا يصدر عليها قرار نهائياً من قبل هذا المجتمع نفسه بأنها لا تتماشى مع معاييرهم. وبالتالي تصبح مهمشة. لن يتقدم المجتمع دون تغيير ثقافي حقيقي وملموس. الحاصل اليوم في المملكة العربية السعودية وكما أيضاً فعلت معها بلدان أخرى في مضمون الإبداع والنجاح هو بالتأكيد من خلال انتقال المواطن والمواطنة إلى تحديث ثقافي حقيقي من خلال فتح نوافذ التوهج، والتفكير البناء، والعقلانية، وتقديم الخدمات الثقافية خارج المدن الرئيسة انتصاراً للعدالة الثقافية، وكسر احتكار فئة بعينها لما يطلق عليها التميز وإتاحة الفرصة والهدف أمام أجيال شابة من نساء ورجال للمساهمة في التغيير الثقافى. نحن اليوم في المملكة يوجد تدرج كبير لثقافة لها إرث وتاريخ، كاملة متكاملة العناصر، وبالتأكيد ليس الجميع في نفس السفينة المتجهة إلى الأمام لكن أغلبية المجتمع بالطبع، هي في تقدم اليوم مزدهر من حيث الفكر والتعليم والإبداع في مجالات عدة, على سبيل المثال، وتحديداً. الموسيقى والفيلم والتصميم والعمارة والفنون، في المملكة اليوم وفي وزارة الثقافة برئاسة الموهوب سمو الأمير بدر بن فرحان آل سعود، لها مسارات وأقسام مُحدثة ومنفصلة عن واحدة تلو الأخرى بجهاز وطاقم يتمتع بالخبرة الكافية والموهبة في كل من المجالات المذكورة أعلاه فهذا بلا شك سيعطي أهمية وتفاعلاً أكبر للشرائح التي هي بالطبع تنتمي فكرياً ووجدانياً لكل من تلك المجالات ومما لا شك فيه أن فئة من هذه الفئات ستصقل وتتنامى موهبتها وأفكاراها وسوف يتجلى إبداعها لما يمتلكه الهيكل والركيزة الأساسية لرأس الهرم في كل من تلك المسارات ألا وهي الموسيقى والفيلم والتصميم والعمارة والفن. إذا درسنا هذه الحالة تحديداً على الشابات السعوديات وكيف أصبح التحول سريعاً ومتنامياً بشكل يقدر بجيد جداً ولا بأس فيه رغم التحولات الكبيرة في تركيبة المجتمع وبالخصوص الشابات السعوديات فهذا مما لا شك فيه يعطي روح التفاؤل دوماً في جميع المجالات وأنه يوجد وعي مُصاحب ومواكب مع هذا الجيل الحالي الذي هو من يقود مُعظم المفاصلالمهام في المراكز والمواقع الثقافية في المملكة العربية السعودية. وهنا أود أن أشيد بالتنوع الثقافي في المملكة الذي هو بالطبع امتد لدول مجاورة وفي هذه الحالة، أود أن أستذكر هنا مثال فرنسا فهي ذات ثقافة غنية متنوعة حيث امتدت ثقافتها إلى أوروبا، وانطلاقاً من قناعتي الراسخة أن الأهم في هذه المرحلة هو الحفاظ على فرصة التقدم والدفع بها إلى الأمام لتعزيز هذا المكتسب الغني وليس على أطياف المجتمع السعودي اليوم العودة إلى التفكير أو حتى الالتفاف حول الهوامش الجانبية التي كانت تحدث من طبقة تسِلب كل شيء له حس ثقافي والاكتفاء على مساجلات يومية حول الحجاب والقيادة والسفر. القدرات في هذ الجيل من قيادات إدارية ديناميكية، لا تخضع لقواعد الأقدمية وأيضاً التراتب في السلم الوظيفى، بل هي تنطلق في عملها من إيمانها بدورها في التجديد الثقافي، وتقديم الطلبات الثقافية للجمهور بالجودة المميزة، وبالكيفية الممكنة. فهذه هي العناصر المهمة التي تؤسس نموذج العمل والفكر الثقافي الذي يؤدي إلى تغيير المجتمعات إلى الأفضل; جيل فاعل، وقواعد إدارية واضحة وجديدة، وقيادات وكوادر بشرية تؤمن بدورها الحقيقي والسامي، ودائماً تواصل إلى تحقيق أهداف التحديث والتجديد الثقافي الموضوعة أمامها، وعملية تحليل وتقييم متواصلة للمنتجات الثقافية، من حيث العدد والكيف، وهو بالتأكيد يحافظ على لياقة المؤسسات والأجيال الثقافية، ويجعل منها صروحاً مجتمعية تستطيع قيادة التحديث الثقافي في المجتمعات.