فوزية الشهري
في أحد الأفلام التي تابعتها الفترة الماضية، جاءت هذه العبارة: (يتكلم الهواة عن التكتيكات، المحترفون يناقشون الأمور اللوجستية).
جملة جميلة ومعبرة ورائعة. عندما تغوص بأفكارك في أعماقها، تجد أنها تعني أن الثقة بالنفس هو الأساس التي ترتكز عليه كل أفعالنا وأعمالنا في الحياة.
الثقة بالنفس لا تأتي هكذا من تلقاء نفسها، بل هي عملية تراكمية تأتي بمرور الزمن، وكذلك عبر تلقي الكثير من الصدمات، وتحمل الكبير من الآلام.
الثقة بالنفس هي النقطة الموازية تماماً لما نسميه (الخبرة)، أو هي المرحلة التي تليها، وهذه الخبرة، بالطبع، لا تأتي إلا بعد نتاج كميات كثيرة من الفشل، والتعلم، ومعاودة المحاولة مرة بعد أخرى، وعدم الاستسلام لضغوطات النتائج غير المرضية.
في بحث مصغّر نشره الأستاذ أشرف فؤاد أبو سالم؛ يعتقد فيه أن الثقة بالنفس (هي ذلك الشعور الذي يعطي الإنسان الإحساس بعلوّ قيمته بين الآخرين، فيتصرف بثقة ودون خوف من ردود أفعالهم تجاهه.. هذه الثقة، تعطيه سيادة التصرف في تصرفاته وحركاته وسلوكياته، بما يجعله لا يكترث بمن حوله، لذلك هو سيد نفسه دون منازع).
وفي مقالة نشرتها مجلة المجتمع، ترى فيها أن الثقة بالنفس هي: (إيمان الإنسان واطمئنانه المدروس إلى قدراته وإمكاناته على تحقيق أهدافه، واتخاذ قراراته، والتحكم في أقواله وأفعاله وقناعاته، ومواجهة المواقف الحياتية الصعبة). وتضيف أن الشخص الواثق بنفسه حقيقة يتميز بالسمات التالية:
متقبل لنفسه كما هي، ويعرف حدود قدراته وطاقاته وإمكاناته، ومتقبل للنقد من الآخرين، ومتجنب للتسويف، ولا يهرب من المسؤولية، مستقر نفسياً في علاقاته مع الآخرين.. وأخيراً يتحمل نتائج أفعاله الشجاعة.
إذاً العبارة التي جاءت في الفيلم، هي عبارة صحيحة جداً من وجهة نظري، لأن الواثقين بأنفسهم هم بالضرورة واثقون من أعمالهم التي يتقنونها، ولكنهم يخافون من الأمور التي تتقاطع مع أعمالهم، والتي تقع تحت تصرف الآخرين، ولذا تجدهم يصرفون اهتماماتهم لأن تكون مناقشاتهم حول التأكيدات والتطمينات للأعمال اللوجستية المكملة لأعمالهم.
عندما يتقن الإنسان أعماله لدرجة عالية، تزحف إليه الثقة بالنفس حتى تتربع بداخله، لتملأ عليه نفسه، وعندما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة، فبالتأكيد سيجد من يشوشر عليه، ويتهمه بالغرور، لذلك لا تلتفت هنا لما يقال، وواصل المسيرة للأمام، ولكن راقب تصرفاتك وراجع دائماً السمات التي تحدثت عنها المقالة، وحاول أن تطورها بشكل أكبر.
الزبدة:
إننا نزداد قوة عندما ندرك أن يد العون التي نحتاج إليها توجد في نهاية ذراعنا.
«سيدني فليبس»