الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
حذر قاضٍ من التساهل والتهاون في الوقيعة في أعراض الناس لأنها من الأمور التي حاربها الإسلام، وشدد في معاقبة مرتكبيها، مشيراً إلى أن هذا السلوك العدواني المشين استشرى -مع الأسف الشديد- بين الناس، وزادت حدته في وسائل التواصل الاجتماعي حيث كثر التعدي على الناس، وقذفهم والتشهير بهم مع التخفي بأسماء وهمية، ويسرف في الخوض، ونشر الكذب عن خلق الله.
وأكد فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد، المحامي والمستشار الشرعي، عضو المحكمة العليا، ورئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الرياض سابقاً أن الإسلام جاء لحماية أعراض الناس، والمحافظة على سمعتهم، وصيانة كرامتهم، وفي هذا حفظ لأمن المجتمع، لأن المجتمع الذي ينشده ديننا هو مجتمع الطهر والعفاف، ولهذا جاء الوعيد الشديد لمن أراد أن يخالف هذا المنهج، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هي؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات) رواه البخاري، وفي سورة النور بيّن سبحانه وتعالى عظم هذه الجريمة التي هي في الحقيقة من أخطر الجرائم، فبين الله في سورة النور عقوبة القاذف، وجزاء من يلج في أعراض الناس، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، كما أبان الله جل وعلا في هذه السورة، وفي مقدمتها، الغاية منها، فقال: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، وهذا البدء الفريد لهذه السورة لَدليل على مدى اهتمام القرآن الكريم بالعنصر الأخلاقي في الحياة، ومدى عمق هذا العنصر وأصالته في العقيدة الإسلامية، والمجتمع المسلم كلما كان مرتبطاً بهذا الفهم لهذه الأخلاق فإنه يترفع عن القذف والخوض في أعراض الناس، وبالعكس كلما ابتعد المسلمون عن كتاب ربهم تلاوة وتدبراً وفهماً كلما ضعف الوازع الديني، وسهل عليهم الخوض في أعراض الناس بأي أسلوب، سواء عن طريق الغيبة والنميمة، أو عن طريق الوسائل الإعلامية، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو غير ذلك من الأساليب الشيطانية التي، مع الأسف الشديد، انتشرت في الآونة الأخيرة.
ونبه الشيخ عبدالعزيز الحميد في ختام حديثه إلى أن هناك أمراً مهماً يجب التوقف عنده، وهو أن المرء الذي لا يتورع عن سلوك هذا الطريق المشين قد يسلم من عقوبة الدنيا لكن عقاب الله في الآخرة شديد، وقد يبتلى في الدنيا بمن يقذفه أو يقذف أحداً من أقاربه أو مولياته، فالجزاء من جنس العمل.