محمد آل الشيخ
أسدل القضاء السعودي على قضية المرحوم خاشقجي الستار، بعد أن أدين الجناة بالحق العام بسجن بلغ في مجموعه 124 سنة، وكان الحق الخاص المعني به أولياء الدم قد انتهى بتنازلهم عن المتهمين. وبذلك تكون هذه القضية قد انتهت نهاية قطعية.
الخاسرون الحقيقيون هم من حاولوا (تسييس) هذه القضية الجنائية، وهم على وجه التحديد تركيا أردوغان ودويلة قطر، ومعهم من هبَّ ودبَّ من أعداء المملكة، فقد خسروا جميعاً خسارة قاصمة لظهورهم، وعادوا من طموحاتهم بخفي حنين، وبقيت دولة عبدالعزبز ثابتة راسخة كالطود، تتكسر عليها كالعادة محاولات الأعداء والحقدة والمناوئين. هذه النهاية بهذه الأحكام المشددة هي بكل المقاييس هزيمة ساحقة لهم، وسقوط لمشاريعهم، وبالذات دويلة قطر التي أنفقت على هذه القضية المليارات، وفي اعتقادها أنها ستحقق انتصاراً كما هو ديدنها المعهود في (إيذاء) جيرانها وإثارة القلاقل التي تمس أمنهم واستقرارهم، غير أنها في النهاية فقدت كل شيء، وأهم ما فقدته عمقها الإستراتيجي المتمثّل جغرافياً بالمملكة، وإلا فهي دولة صغيرة، محدودة الجغرافيا و الإمكانات والقدرات، ناهيك عن البعد التاريخي، فليس لديها إلا الغاز، الذي أصبح بعزلتها ومقاطعة أغلب الدول العربية لها، دويلة أشبه ما تكون محجورة في (شبك)، وليس لدي أدنى شك أن حكامها الآن يعضون أصابع الندم، فلن يحصدوا من مغامراتهم الحمقاء إلا الفشل، وبالذات في محاولاتهم تسييس القضية. العصملي أردوغان لن يدوم لهم، وسوف يسقط يوماً ما، أضف إلى ذلك أن دولة وازنة بحجم وثقل المملكة، لا يمكن أن يستمر الأتراك بعدائهم لها، فالسياسة فن الممكن، ولم تكن فن الطموحات الفارغة الحمقاء كما يفعل أردوغان، وسيأتي يوم سواء في عصر أردوغان أو من يخلفه ويثوب الأتراك إلى عقولهم، ويراعون مفتضيات مصالح بلادهم، ويعملون على إصلاح ذات البين، أما قطر فالسياسة في قواميس حكامها هي ضرب من المراهنات والمغامرات الطائشة، التي لا علاقة لها بالإمكانات ولا القدرات ولا المصالح ولا الموضوعية، بقدر علاقتها بطموحات رجل مجنون وغبي ومغفل اسمه حمد بن خليفة، الذي هو نسخة خليجية من المقبور القذافي. وأنا هنا (أشمت) بقطر وبتركيا معاً، على هذه النهاية الفاشلة لما كانوا يطمحون إليه، وفي تقديري أن كل سعودي أصيل سيشمت بهم أيضاً، وبالذات دويلة قطر، التي ستكلّفها صفاقتها وحمق وقصر نظر حكامها الكثير، لاسيما وهي على مشارف تنظيم كأس العالم، ولن تستطيع تنظيمه كما يجب أن يكون والمملكة والإمارات والبحرين تقاطعها، براً وجواً، ولو كان في دويلة قطر رجل رشيد، أو (امرأة) حكيمة، لحسبوا أول ما حسبوا تأثير هذه الممارسات على هذه الفعالية، التي صرفوا عليهالمليارات قبل أن (يصعّدوا) تجاه المملكة، إلا أن الحقد أسبغ على نظرتهم غشاوة، وظنوا، أو أن مستشاريهم، أقنعوهم أن بإمكانهم الضغط على المملكة إعلامياً، وستتراجع عن المقاطعة، وتفتح (الشبك)، غير أن حساباتهم باءت بالفشل.
القطريون بعد فشلهم في استغلال قضية خاشقجي يأملون الآن كما يدور في منصات إعلامهم أن يسقط الرئيس ترامب، ويأتي المرشح الديمقراطي بايدن، ويواكبهم فيما يطمحون إليه. وسواء بقي ترامب، أو جاء بايدن، فلن يتغيّر شيئاً كما هو متوقع، فالمملكة دولة وازنة في المنطقة، ومن ضمن دول العشرين، وتربطها بالولايات المتحدة روابط إستراتيجية ضاربة في القدم، والسياسي الحصيف لن يضحي بمصالح بلاده لينتشل دويلة كقطر من ورطتها. لذلك فأملهم في بايدن إن نجح في الانتخابات مثل المفلس الذي يُمني نفسه بنصر كل المؤشرات تقول عكس ما يتمناه.
إلى اللقاء