الرياض - عيسى الحكمي:
باتت المملكة العربية السعودية سياجًا قويًّا لمكافحة العنف الأسري بمختلف أشكاله بعدما تنبهت مبكرًا للظاهرة الخطيرة؛ فعملت على مكافحة جميع أشكال الجريمة الناتجة بسبب العنف الأسري عبر إجراءات مختلفة عدة، تشكل منظومة الحماية الاجتماعية في المملكة.
واهتمت المملكة بالأسرة نظرًا لما تشكله من أهمية كبيرة؛ فهي النواة الأساسية في بناء المجتمع.
وتعتبر الجريمة أحد المحصلات الطبيعية الناتجة من ممارسة العنف الأسري؛ إذ يلاحَظ ارتفاع معدلات الجريمة في الدول والمجتمعات التي تعاني من هذه الظاهرة.
وحول هذا الأمر يؤكد المدرب والمستشار الأسري الدكتور فؤاد بن عبد الرحمن الجغيمان أن الجريمة مشكلة اجتماعية، تواجه المجتمع الإنساني منذ أن كان مكونًا من بضعة أفراد عبر مراحل التاريخ.
ويضيف: يشكل العنف الأسري أحد الأسباب الكامنة وراء ظهور الجريمة التي تعد خرقًا للقواعد، وتعديًا على حقوق الأفراد والمجتمع؛ وهو ما ينتج منه كسرٌ لقواعد وضوابط النظام الجنائي.
الآثار السلبية
وبيّن الدكتور فؤاد أن المجتمعات التي تعاني من تفشي العنف الأسري بمختلف أشكاله، ما بين عنف جنسي، وجسدي، وعاطفي، ومالي.. تتعرض لأضرار عدة، تهدد كيان الأسرة وتركيبته؛ فتظهر فيها الآثار النفسية، والاجتماعية، وغيرها من الآثار التي تؤدي إلى الكثير من الانعكاسات السلبية، كضعف التحصيل العلمي عند الأطفال، والعقد النفسية المصاحبة، وانتشار الجريمة، والتسول.. وغيرها.
الأسباب
ويعتقد الدكتور الجغيمان أن ثمة أسبابًا وراء العنف الأسري، في مقدمتها ضعف الوازع الديني الذي يعد سببًا رئيسيًّا للعنف الأسري، ويؤدي لانحراف الأبناء عندما ينشؤون في بيئة غير مستقرة، وغير قادرة على مراقبة الأطفال وتصرفاتهم؛ وهو ما يؤدي إلى أن يجر رفاق السوء الابن للانحراف.
وتابع: «من الأسباب أيضًا عوامل التغير الاجتماعي، وضعف الضوابط الاجتماعية بين أفراد الأسرة».
حالة من الخلل
وأشار الجغيمان إلى أن العنف الأسري يولّد حالة من الخلل، يصيب أداء وظائف الأسرة؛ الأمر الذي يؤدي إلى اكتساب أفرادها أنماطًا سلوكية منحرفة، والجنوح للجريمة، بعكس الأسرة المتماسكة السليمة التي تكون قادرة على تغذية الإنسان بعناصر الخير، وتشكيل الخلية الأساسية في صلاح المجتمع.
الوقاية أولوية
وعن طرق مكافحة حدوث الجريمة شدَّد الدكتور الجغيمان على اعتماد أسلوب الوقاية كأولوية؛ لأن الجريمة ظاهرة متنوعة العناصر والأفعال، إضافة لتشديد العقوبات، والتوسع في إنشاء المؤسسات الإصلاحية، وتبني أنظمة للحماية الأسرية، وهو الذي عملت على إقراره المملكة عبر نظام الحماية الاجتماعية الهادف إلى استقرار الأسرة.
ونصح الدكتور فؤاد بتدريس أضرار العنف الأسري ضمن مناهج وحصص دراسية، تخصص للتوعية، وطرق الحل للمشكلات التي تعترض الأطفال داخل الأسرة لوجود علاقة طردية بين الأسر المتصدعة والمشكلات السلوكية.
كما شدد على متابعة الطلاب، ورفع كفاءة الاتصال بالجمهور، والتوعية المستمرة، وعلاج المشكلات الأسرية، ودراسة انحراف الأحداث. ولفت إلى ضرورة خلق آلية اجتماعية لدعم دور الأسرة واستقرارها، وتعزيز دور المدرسة والجمعيات الخيرية؛ إذ ثبت أن التدخل المبكر للأفراد المتوقع تورطهم في الجريمة يحد من حدوثها.
وختم الدكتور الجغيمان بالتنبيه إلى أهمية تعزيز دور الإعلام للتوعية من مخاطر العنف الأسري نظرًا للدور الكبير الذي يلعبه الإعلام عبر جميع منصاته في توعية المجتمع، ومن ذلك التوعية بخطر ظاهرة العنف الأسري وتبعاتها.