محمد عبد الرزاق القشعمي
- وقال زميله بالجامعة الدكتور محمد خضر عريف: «.. إنه عَلم من أعلام العربية في بلادنا، ومفخرة من مفاخرها. وأمثاله من العلماء جديرون بأن يقدر حقهم وفضلهم، وحقيقون بكل التكريم والعرفان».
- وقال تلميذه بالجامعة حسين بافقيه: «.. ذلك الأستاذ الذي أحسبني غير مبالغ لو عددته أحد أكثر العارفين بالتراث والمتصلين به اتصالاً وثيقاً من المشتغلين به نحواً وبلاغة وأصول فقه ومنطقاً».
- وقال الأستاذ جواد الكسار: «لم يزعم الفضلي ولم يدع أبداً في كتبه التي أصدرها في هذا المضمار أنه بصدد مشروع تجديدي جامع ومانع، بل قراءة آثاره في هذا السياق وتأملها هما اللذان جعلانا نضعها في مصاف مشروع فردي شامل، ينطلق من رؤية، ويقوم على خطة؛ وبالتالي يتجاوز المبادرات الجزئية».
- وقال عنه الشاعر جاسم الصحيح: «.. رجل جاء في موسم الجفاف وعيناه تحملان حقول سنابل. رجل توحد بالفكر والحبر والورق، ثم تشظى في كائنات من الكتب واستراح..».
- وقال الأستاذ عبدالله عبد الرحمن: «.. ترجل الفضلي عن جواده، ترجل بهاء الموضوعية، والصدق في تبني مشروع الفكر. ترجل من لم تغره بهرجة الظهور، ترجل من آثر الكوّة التي تأخذ الألباب بضيائها على دوائر الضوء الزائفة.. لقد كان تنوع ثروتك الفكرية يدغدغ روقي وعقلي بالحياة..».
- وقال عنه الأستاذ صالح الذكير في (الذاكرة الضوئية) بجريدة اليوم 22 يناير 2001م: «.. ونحن في (الذاكرة الضوئية) عندما نصعد للوصول لأمثال شيخنا من ذوي العلم والفضل والأدب نشعر وكأننا نرقى إليه بسلم لا نستبين كل درجاته، فزاره كبدر ساطع وهو في عليائه، نقتبس من أنواره للقراء، ونجليها سطوراً في سجل الخلود، فإذا لم نوفه الحق فلا أقل من أن نحاول، فواجبنا تجاه السادة الأفاضل والعلماء الأجلاء يفرض علينا ما يكسبنا الشرف، ولا يضيف لمقامهم جديداً، فهم في عقولنا وقلوبنا ملء السمع والبصر..».
ونختار من أقواله: «موقف الإسلام من تحديات العصر هو أن نواصل المسيرة الثقافية، وبكل جد وإخلاص، حاشدين لها إمكاناتنا وطاقاتنا».
- الحياة الثقافية الإسلامية تتحرك الآن في مسارين: مسار إحياء التراث، ومسار البحث والتأليف.. وهي في المسار الأول أوفر بكثير منها في المسار الثاني.
- منهج التجديد أن يكون هدفنا خدمة قضايا الفكر والعقيدة، وألا نتهيب ذوي المواقف السلبية من التجديد.
- الباحث الذي ينطلق من المرتكزات الأساسية للشريعة الإسلامية، وهي المبادئ العامة، واضعاً أمامه مقاصد الشريعة وأهدافها، سوف يدرك علاقة النص بالواقع، ومدة تأثير الواقع على الحكم الشرعي.
- أرجو أن نوازن بين العقل والعاطفة لتكون صحوتنا الإسلامية صحوة واعدة.
- من أجل أن نعطي الفكر المثمر المطلوب أرى أن تتكامل الدراستان الجوامعية والجامعية في خط موازنة وتعاضد. التقليد رحمة لا تجعلوه نقمة.
- كما يُحمِّل القرآن الكريم الإنسان الفرد مسؤولية الوعي الذاتي بنفسه يُحمِّل الأمة بمجموعها وعي ذاتها ومكانتها بين الأمم لترتقي بنفسها إلى ذلكم المستوى الذي يتناسب وما تحمله من فكر وحضارة.
- كرم في حياته بمناسبات كثيرة، وكان ابنه المهندس فؤاد الفضلي هو من يتسلمها نيابة عنه. نذكر منها:
- الحوزة العلمية بالأحساء.
- الحوزة العلمية بالقطيف.
- حوزة دار العلم بالقطيف.
- مركز الفقاهة للدراسات والبحوث الفقهية بالقطيف.
- المجلس الإسلامي العلمائي في مملكة البحرين.
- جمعية التوعية الإسلامية في مملكة البحرين.
- مرفأ الكلمة في قم المقدسة.
وأعتقد أن أهم جائزة حصل عليها هي جائزة الفارابي الدولية في مارس 2009م (جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية) في دورتها الثانية عن كتابه (دروس في أصول فقه الإمامية)، الذي أقامته منظمتا اليونسكو والأيسيسكو في طهران. وقد تسلمها ابنه فؤاد من رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران أحمدي نجاد.
- توفي - رحمه الله - صباح يوم الاثنين 27 جمادى الأولى 1434هـ، الموافق 8 إبريل 2013م، بالدمام، وصُلي عليه ودُفن في مدينة سيهات بحضور كبير من المنطقة وخارجها.
- ولعلي أختم بالمقابلة الصحفية معه التي أجراها الأستاذ أحمد صالح الهلال بمجلة (العصر) الكويتية لشهر ذي الحجة 1425هـ/ يناير 2005م، عن أصول التجديد في الإسلام، وماذا يعني بالتحديد؟!
فقال: التجديد عملية تحويل القديم إلى جديد. والتحديث عملية تحويل القديم إلى حديث، ولكن في حدود ما يحقق الغاية من العملية. ولدت عملية التجديد في أحضان أقدم الحضارات البشرية، وتمثل بروزها لظاهرة اجتماعية ثقافية في الحضارة اليونانية بعد نمو ظاهرة المعرفة فيها.
واستمرت تتماشى مع نمو المعارف والأفكار منذ القدم إلى يومنا هذا.. وستبقى حتى يرث الله الأرض ومَن عليها.. ولم يكن المجتمع الإسلامي بدعاً في هذا المجال، ولا حضارته شذوذاً في هذه السنة الاجتماعية.. والإسلام كدين يتعامل معها كما يتعامل مع أمثالها من الظواهر الاجتماعية الأخرى. فيشترط أن لا يمس التحديث ثوابته، وهي تلك التي تثبتت بالضرورة من الدين، والأخرى التي اتفق عليها رأي المسلمين جميعاً. وأن لا يخرج بالمفهوم الإسلامي عند التجديد عن الإطار الإسلامي العام والطابع الإسلامي الذي تخضع له جميع المفاهيم الإسلامية. في البدء قلت إن التجديد عملية عامة، تشمل كل ما يفتقر إلى التحديث، ولا يقوم به إلا من كان مؤهلاً له. وبينت أن التجديد المدعو إليه هنا لا يمس جوهر الدين، ولا يتناول من حقائقه لا من قريب ولا من بعيد، وإنما يتحرك داخل إطار علومه، وداخل دائرة تنظيم شؤون الحوزات والمرجعيات إدارياً وفنياً. والتطور الذي حدث للعلوم الإسلامية بالتوسع والإضافة لم يكن قبل القرن العشرين الميلادي علم اقتصاد إسلاميًّا، ولا مذهب اقتصاد إسلاميًّا مدونًا. كذلك لم يكن قبل القرن المشار إليه علم نفس إسلاميًّا. ثم كانا.. ولم يكن علم أصول فقه مقارن ثم كان.. وهكذا.
المسلم في واقعه وكنهه مسلم لا يتغير في واقعه، وليس للتجديد إليه طريق؛ ذلك أن التجديد إنما يكون في أحواله وأوضاعه المدنية والحضارية..
الصراع بين القديم والجديد سُنة من سنن الحياة، كان منذ كانت الحياة، وسيستمر ما استمرت الحياة؛ فلا أرى ما يعتبر عقبات هي من العوائق؛ لأن هذا شيء طبيعي، والبقاء في النهاية للأصلح. المهم أن نحاول الاستفادة من كل جديد في المناهج والوسائل والأساليب، وكذلك في المادة الفكرية في كل علم من العلوم الحديثة الإنسانية والطبيعية، وفي كل حقل معرفي من حقول المعارف، وفيما يتماشى وطبيعة فكرنا الإسلامي في أسسه ومبادئه العامة، ولا يتخلف عن تحقيق مقاصده وأهدافه.
ونختم الحديث بما بدأنا به فنقول: التجديد ظاهرة اجتماعية قديمة قِدَم الإنسان على هذه الأرض. وهو أمر طبيعي أن نقدم عليه طواعية؛ فإن عوامل الزمان والمكان تفرضه علينا فرضاً.. ولرسالتنا الدينية حق علينا أن نتوصل للقيام بها على أفضل الوجوه بمختلف الوسائل المشروعة، قديمة وحديثة، وأن ننتهج لأدائها مختلف الأساليب المشروعة قديمة وحديثة. وهذا من التجديد الذي ننشده وندعو إليه.