الهادي التليلي
وإن كان العنوان هو عنوان كتاب الفيلسوف والمفكر الأمريكي الألماني هربرت ماركيز الذي انتقد فيه تغول المعسكرين الليبرالي والاشتراكي وامتد قصفه الفكري للحاجات التي أفرزتها المجتمعات الاقتصادية الجديدة التي حولت الإنسان إلى كائن لاستهلاكه بامتياز وهو من الكتب التي تبقى خالدة أبد الدهر بل وفي كل حين تشعر وكأنها صدرت الآن.ولكن ما يعتمل الآن في هذا الرأس مسألة أخرى قد تكون بعيدةكل البعد، وقد تكون قريبة منها حسب الكساء والتوظيف فما أعنيه هنا هو هذا الجيل الذي نريد له كل الخير ونتمنى له آفاقا أرحب في مجالات الدراسة والعمل، هذا الجيل الذي في شق كبير منه النزوع نحو البعد الواحد في الاهتمام العملي إلى حد الدغمائية في الخطاب والنزع إلى الاعتقاد التام بأنه يمتلك الحقيقة وكأنما هناك حقيقة واحدة واليقين بأنه على حق حتى يأتي ما يخالف ذلك.هذا الجيل الذي قلتها وأقولها هو أذكى منا بامتياز في مجال الثقافة السيبرائية والذي مكنه حسه العالي من الإلمام بالكثيرالكثير مايجعله يحلق بأجنحة متعددة مما ولد لدى الكثيرين شيئا من الدغم الذي لا يجعله يرى الآخر وخاصة مما يسمون أنفسهم بنجوم السوشل ميديا الذين يقدمون أنفسهم على أنهم إعلاميون وينجزون لأنفسهم بطاقات صحفية وأيديهات هؤلاء كثير منهم يقدمون خدمات جليلة للمجتمع وللأماكن التي يقطنون فيها وكثيرون منهم يسهمون في إبراز عديد الأنشطة بالوجه الجيد والمطلوب والكثيرون منهم يستحقون منا أن نجل أعمالهم، ولكن ما يقومون به بعيد كل البعد عن الإعلام.هذا ونحن نتحدث عن الوجه المنير من الناشطين في مجال التواصل الاجتماعي دون الغوص في الذين ينصبون أنفسهم سيوفا بتارة تداوي رأس من يشكو الصداع كما قال عنترة ابن شداد العبسي يعتقدون فعلا أنهم لا فقط يمتلكون الحقيقة بل يمتلكون القدرة على تصفية من يشاؤون وتهميش من يريدون، هؤلاء الذين يسمون أنفسهم نجوما وتنهال عليهم الأموال من كل حدب وصوب، صاحبة السيادة والرفعة الصحافة بعيدة كل البعد عن منالهم قد يكونون ما يكونون ولكن الإعلام منظومة أخلاقيات وميثاق شرف متوافق عليه في كل أنحاء المعمورة، فالإعلام الحقيقي ماسة غالية لا يتقلدها إلا من كان جديرا بها وليست الصحافة مجرة من المتابعين يهدد بهم المختلف ويبتز بهم المؤتلف.
لهذا رأيت هربرت ماركيز وكأنه يستفيق من قبره ليخاطب الناشئة المبهورة بالأضواء والنجومية، وهكذا وجدت نفسها محاطة بالآلاف المؤلفة من المتابعين الذين يرون فيها مايريدون أن يروه في أنفسهم ليقول لهم قليلا من التواضع وكثيرا من حب الوطن الذي يحتاج أن تكونوا جنوده تصنعون ورد أحلامه وتحققون ما به يسعد آباؤكم والأجيال التي سبقتكم، الحقيقة ليست واحدة ومسارات بناء الذات متعددة فلا تأسروا أنفسكم في زاوية واحدة ثم تعتقدون أنها العالم.. العالم متعدد الأبعاد والحياة أكثر من نجومية تجعلك تنسى إصلاح نفسك وتحرمك من نعمة التعلم من الحياة، الوطن يحتاج أن تتعلموا أكثر حتى يفخر بكم وتكونوا فعلا نجومه لا نجوم ورق تعبث بكم النزوات حينا والأوهام حينا آخر، وأطراف أخرى يحرجها ما وصلته المملكة من عز ورخاء ونماء..