زكية إبراهيم الحجي
من أين يبدأ التغيير.. سؤال سرمدي يختزل جوهر كل معضلة تواجه أي مجتمع من المجتمعات المعاصرة.. ومن رحم هذا السؤال يتولد سؤال آخر يرتبط بمرونة الإنسان وقدرته على التغيير وهو كيف يتحقق التغيير أساساً في حياة أي إنسان ينشد انسجاماً وتفاعلاً مع متغيرات الحياة.
إن من أكثر العوامل المؤثرة في النفس بشكل إيجابي هو التجديد بدواعي التغيير للأفضل ومن منا لا يتوق للأفضل في حياته إلا أن التحدي الأكبر أمام أي إنسان يسعى إلى التغيير يكمن في مدى القدرة للسيطرة على المخاوف من مجهول قد يأتي به أي تغيير تكون نتائجه سلبية وغير محقق للأهداف التي يتمناها.
ليس ثمة ريح مواتية لمن لا يعرف أين يتجه لذا من أجل الاستمرار في الحاضر واستشراف المستقبل لا بد من التغيير.. ولكي يحدث التغيير ونعرف أين نتجه ونستند على عكاز التفاؤل عند مواجهة الأزمات علينا أن نتذكر أن التغيير يبدأ من الداخل إلى الخارج بمعنى نبدأ بأنفسنا من الداخل.. نكسر الدارة المغلفة التي نقع فيها نتيجة تكرار ما نفعله واستمرار الحصول على ما سبق أن تحصلنا عليه.. في هذا السياق تحضرني قصة ظريفة سبق أن قرأتها وتتناول موضوع التغيير وانعكاساته الإيجابية على حياتنا.
تقول القصة: إن رجلاً ضاع منه مفتاح داخل منزله وكان المنزل مظلماً بسبب انقطاع التيار الكهربائي.. فأخذ يبحث عن المفتاح في الظلام لكنه لم يجده.. فنظر إلى الخارج من شرفة منزله فوجد عامود الإنارة مضيئاً في الشارع فقال: هل سأظل أبحث عن المفتاح في الظلام والنور موجود هناك في الشارع؟ خرج إلى الشارع وراح يبحث في محيط النور وأثناء ذك ذلك مر رجل وسأله ما الذي فقدته فأجابه فقدت مفتاحي وأبحث عنه، شاركه الرجل في البحث ثم سأله: هل فقدته هنا فأجاب: فقدته في المنزل، ضحك الرجل وقال له: هل من المنطقي أن تفقد المفتاح في المنزل وتأتي لتبحث عنه في الشارع.. فقال صاحب المفتاح الضائع وهل من المنطقي أن أترك النور وأبحث عن المفتاح في الظلام.
القصة وصاحبها تنطبق على كثير منا عندما نتشدق صباحاً مساءً عن التغيير وننتظر أن يحل علينا من الخارج رغم أن ما نبحثه يوجد داخل أنفسنا.. يقول الفيلسوف الروسي «تولستوي» الجميع يفكر في تغيير العالم ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه.. وما أسوأ أن يعيش الفرد حياة لا واعية ينكب على أشياء لا يعرف الغاية منها.. يمارس حياته في حالة ترقب أو تقليد.. لا يتبنى ما يميزه عن الغير بل تأخذه تيارات متباينة يوماً مع هذا ويوماً مع ذاك وهذه حقيقة لا ينسفها أي عذر يختلقه الإنسان لنفسه.