أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه قال: (الرواح إلى الجمعة واجب على كل مسلم)؛ وإنني أعرف حالتين يعذر فيهما المسلم من الذهاب إلى المسجد، ويكتفي بالصلاة في بيته.. الأولى المريض، والشيخ الكبير الذي لا يقوى على الذهاب إلى خارج بيته.. والثانية الحالة التي استجدت؛ وهي: (داء كورونا)؛ فهو معرض ولو تلثم لهذا الداء، ولن يبلغ في صلاته من الأناة وكثرة التلاوة ما يبلغه الذاهب إلى المسجد وهو متلثم؛ فهو معرض للكورونا.
قال أبو عبدالرحمن: لقد ذكر (أبو حيان محمد بن يوسف بن علي الأندلسي) [ت 745] هجرياً في تفسيره (البحر المحيط في تفسير القرآن العظيم) بتحقيق الدكتور (عبدالله بن عبدالمحسن التركي)، في حديثه عن سورة الجمعة ص 319 إذ قال: (هذه السورة مدنية؛ وقيل: مكية، وهو خطأ، لأن أمر اليهود، وانفضاض الناس في الجمعة: لم يكن إلا بالمدينة، ومناسبتها لما قبلها: أن عبدالله ورسوله محمداً -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر تأييد من آمن في الانتصار على أعدائهم: أتبعه بذكر التنزيه لله سبحانه وتعالى، وسعة ملكه وقدسيته، وذكر ما أنعم به على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من بعثته إليهم، وتلاوته عليهم كتابه، وتزكيتهم؛ فصارت أمته غالبةً سائر الأمم، قاهرةً لهم، منتشرة الدعوة، كما انتشرت دعوة الحواريين في زمانهم).
قال أبو عبدالرحمن: لقد نشر لي في جريدة الجزيرة في عددها (2390 ) في 1/3/ 1399 هجرياً قصيدة بتصرف مني في شعر (بودلير)، وجعلت عنوانها (غروب شمس الرومانتيكية) ؛ فقلت: (يا جدة لا جاك البلا أبداً)، كما في التناوح بين أبي تراب وأدباء جدة.. وأما الشاعر الرجيم (بودلير) فقد ذكر قصيدةً بهذا العنوان عام 1860ميلادياً/ 1276 هجرياً في آخر حياته؛ وذلك حياته بين عامي 1821-1867 ميلادياً/ 1236- 1283 هجرياً، وقد حور بها مذهب (الرومانتيكيين) امتداداً من (روسو) 1713- 1778 ميلادياً/1124- 1191 هجرياً إذ كانوا يرون أن زمان (التكنولوجيا) إن/ا يكون في آخر الزمان؛ لإحساسهم الحزين العميق بشمس الحضارة الآفلة ترسل إشعاعها جميلاً شاحباً في آن واحد؛ وربما كان لذلك جذوراً في فلسفة (برجسون) عن (الديمومة النفسية).. وهكذا فعل (بودلير).. أصبح الزمن عنده رمزاً كريهاً للحضارة، وحشد قصيدته بصور للنور والجمال والنشوة تغرق في الظلام الدامس الرطب الرهيب.. مشيراً إلى فقدان الأمل المتبقي في غروب الشمس، متخذاً من الظلام متعته وملاذه عن تفاهة التقدم!!.
قال أبو عبدالرحمن: وإليكم معنى القصيدة بشعر التفعيلة الواحدة ؛ وذلك من شعري الذي جعلته معبر عما مضى من شعر الخواجات:
[أي شيء في الدنى يا شمس.
يخلب الأسماع والأنظارا.
غير إشراقك بكراً يبهر الأنوارا.
يشعل الأقطارا.
ويحيي ناعس الأكوان.
بسناإ ثار كالبركان؟!
فاغربي يا شمس.
واحجبي عن ناظري الأضواءا.
إن في إشراقك الأرزاءا.
وانشري فوق المحيا ستراً.
فأناغي خفراً.
وأحيي عطراً.
دامساً أشهى من الأحلام.
يسعد الأجيالا.
اغربي يا شمس.
وانشري الهدأة في الآفاق.
إن هذا الكون قد ضج من الإشراق.
ضج ينبوع وآثار وأزهار.
مع النرجس ذو الألحاظ.
كقلوب تحت عينيك تبدت تتشكى.
رعشة العشاق.
يا رفاقي حركوا الأقداما.
نحو أفق تتوارى فيه شمس تبعث الإلهاما.
علكم تلتقطوا ومضاً من الإشعاع.
أو تروا سعيكم ضرباً من الإفلاس.
أغربي يا شمس.
إن هذا الكون ضج من الإشراق.
وهفا لليل إذ لا قمر أو شمس.
إذ يبث الرعب والإظلاما.
وترى الأكوان غرقى في الظلام الرطب.
وأرى رائحة للقبر.
هزت الأرجاءا.
وأرى أقدامي.
تستحق المستنقع الضحضاحا]، وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى، والله المستعان.
** **
كتبه لكم: (محمد بن عمر بن عبدالرحمن العقيل)
-عفا الله عني، وعنهم، وعن جميع إخواني المسلمين-