رمضان جريدي العنزي
المظاهر المستعارة أمراض يمكن أن ترى بسهولة، لها بصمات وسمات واضحة على وجوه أصحابها وأجسادهم، متعالون لا يعرفون التواضع، منتفخون بشكل لا يطاق، لا عندهم سمو، ولا يحلقون في فضاءات المكارم، إنهم صرعى أخيلة زائفة، وقراءات خاطئة، وأفكار لا تستند على وعي وإدراك سليم، ونرجسيتهم في هذا الشأن واضحة عالية وبائنة، أصحاب المظاهر المستعارة لا يبالون بمعاناة الآخرين، ولا يكترثون بكوارثهم وفواجعهم وأحوالهم، إنهم يرون أنفسهم فوق الآخرين علوا ومنزلة وشأنا، إن الذاتية عندهم مثل السل والدرن والأمراض المعدية، يعرفون حقيقة أنفسهم لكنهم يتجاهلونها، إنهم يحبون الظهور والتفرد والتميز على حساب الآخرين، مغترون بأنفسهم ومعجبون، يشعرون بالنقص والدونية، فيضيعون مقياس القناعة، ومراتب الثقة، يتكئون على مظاهر زائفة، ويصنفون أنفسهم تصنيفات واهمة، فلا بالركب لحقوا، ولا بالحقيقة رضوا، كالقابض على الماء بيده لن يمسك منه شيئا.
ومن يأمن الدنيا يكن مثل قابض
على الماء خانته فروج الأصابع
وأبلغ من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى أجسادكم, ولا إلى صوركم, ولكن ينظر إلى قلوبكم» (رواه مسلم).
إن المظاهر الزائفة قد تورد الإنسان المهالك، إذا سعى خلفها وغره زيفها، فالمباهاة في المظاهر لا يليق بأصحاب العقل والواقعية، بل ينبذونها ويزدرون من يعمل بها، إن الإنسان المدرك الواعي، صاحب العقل واللب، يعيش حياته وينعم بها من غير بهرجة قول وفعل، إن المظهرية خطر وجرح وشرخ، وشتان بين المعالي والسافل، والحقيقة والواقع، فلتهدؤوا يا أصحاب المفاخر والمظاهر، والذات والأنا، فالدنيا زائلة، ومتاعها قليل، ورحلتها قصيرة، ومكتسبها آني، اللهم ألهم أصحاب المظاهر المستعارة الزائفة رشدهم، وقهم شر تصرفهم وفكرهم، وردهم إلى الحق والواقع والحياة الطبيعية ردًا جميلاً.
** **
ramadanalanezi@hotmail.com
@ramadanjready