محمد ناصر الأسمري
ما سوف أتطرق له هنا ليس له علاقة بدروع الأسلحة، أو التشكيلات في المصطلحات العسكرية، إنما عما ظهر في مسارات إدارية أو مناسبات قبلية تفاخرية من ألواح خشبية أو معدنية، أو من منتجات الإكليريك وغيرها.
لكن بنظرة سريعة على الأُس الذي قامت عليه الدروع في المصطلح العسكري نرى أن: الدرع هي أحد أنواع أدوات الحماية الشخصية، التي تهدف إلى اعتراض الهجمات، إما عن طريق منع المقذوفات مثل السهام، أو عن طريق إعادة توجيه الضربات الموجّهة من أدوات حرب مثل السيف أو الصولجان أو فأس الحرب بعيدًا عن حامل الدرع.
ووفقًا لما وجدتُ في موسوعة الويكيبيديا: في عصور ما قبل التاريخ، وخلال فترة الحضارات القديمة، كان يتم تصنيع الدروع من الخشب أو جلد الحيوان أو القصب المجدول أو الخوص. وفي العصرَين الكلاسيكيَّين القديمَين، عصر الهجرات والعصور الوسطى، كانت الدروع تُصنع عادة من خشب الحور أو الجير، أو أي نوع آخر من الخشب مقاوم للتشقق، ويتم تغطية الدرع في بعض الأحيان بالجلد و/ أو يتم تعزيزها بحدبات أو حواف أو أطواق معدنية، وكان يحملها الجنود المشاة والفرسان وجنود الفروسية.
وحسب إفادة الصديق اللواء الركن المتقاعد حسان الجزائري، وهو من قيادات القوات السعودية الباسلة البارزين، ذو نفس مدني الطبع، ونهج عقلاني في الفكر والحوار، فإن سلاح الفرسان أو الخيالة - كما كان يسمى قبل ظهور الدبابات - هو الوحدات التي كان رجالها يمتطون ظهور الخيل للقيام بشن الحرب على العدو، أو للدفاع عن البلاد، وتتميَّز بقدرتها على السرعة والمناورة، كما أنها كانت تشكّل خطرًا كبيرًا على وحدات المشاة الراجلة بسبب الصدمة التي تتسبب بها عليهم نفسيًّا وعمليًّا. وبعد ظهور الدبابات جرى تغيير اسم الفرسان بالمدرعات؛ لأن الدبابة حلت محل الحصان في الأدوار التي كان يقوم بها.
عودة لمثار «النقع»، فإنه برزت تجارة مربحة لعمالة متوسطة المهارة، استغلوا الأحوال ومتطلبات الجمهور المستفيد لا المستهدف, وكان لأجهزة حكومية مجال في التسابق لتقديم دروع تقدير لبعض العاملين؛ ربما لإنجاز تم، وإن كان غير ذات أهمية، كأن يُقدر لموظف حضر دورة تدريب على رأس العمل لمدة يومين، وتفوُّقه وحصوله على المركز الأول بين المتقدمين، وعددهم واحد! أو أحد أفراد القرية في سبقه متسابق القرية المجاورة.. وغير هذا من «الهياط».
وأذكر أن الأمير مقرن بن عبد العزيز حين كان أميرًا على المدينة المنورة منع تسلُّم الدروع حين ضاقت مستودعات خُصصت لها، وباتت أحجامها تشغل حيزًا مكانيًّا كبيرًا.
ثقافة التمييز والتميُّز، ومكافأة المُجد والمنتِج، عالمية وعولمية اليوم، لكنها بغير ما هو ممارس في بلدنا. تجد سلاح الفرسان - الدروع أو الطيران أو البحرية - أو أي منشأة علمية، تعطي قطعة صغيرة جدًّا، تعلَّق على طرف القميص أو المعطف، تحمل شعار المنشأة، وهو ما بات يعرف بالدبوس، لا يشغل حيزًا، ولا يكلف كثيرًا مقارنة بالخُشب المسنَّدة التي صارت تتطلب فتية أشداء لحملها!
ولعل تعليق العلم الوطني على المعاطف والقمصان والقبعات تميُّز وتمايز.