د. عبدالرحمن الشلاش
لن أبالغ إذا ما أكَّدت أن سبب عدم نجاعة بعض القرارات التعليمية في فترات سابقة يعود إلى ضعف، بل ربما انعدام مشاركة التعليميين من مشرفين ومديرين ومعلمين إضافة إلى الطلبة وأولياء أمورهم في عملية صناعة القرارات التعليمية خاصة تلك القرارات ذات التأثير البالغ على الميدان التعليمي وبالذات على مستوى المدرسة كونها الميدان الإجرائي الذي تدور في رحابه كل عمليات التعليم، بل إن معظم القرارات توجه مباشرة لتنفيذها من قبل الذين يعملون في هذا الميدان الواسع.
لنتصور قرارا يهبط فجأة إلى الميدان دون سابق معرفة هل سيكون تقبله بالمستوى المطلوب من قبل المشتغلين في الإدارات والمراكز التعليمية والمدارس، وفي حالة وضعهم أمام الأمر الواقع كيف سيكون مستوى التنفيذ، وكيف مستوى الحماسة والتفاعل في قرار لم يساهموا في صنعه؟ كل ما في الأمر أن القرار اتخذ ثم أصدر في لمحة بصر، أو شارك في صنعه أشخاص يقبعون في غرف مغلقة بعيدة عن إيقاع الميدان الحي، ورتم العمل السريع المترع بالعقبات والمشكلات والتي يدركها من ينغمس فيها بشكل يومي مباشراً وملاحظاً وراصداً وناقداً للعمل، يدرك أبعاده ويلم بتفاصيله، ويتصوّره بشكله الكلي فالحكم على الشيء فرع من تصوّره!
هناك جملة قرارات تمس العمل المدرسي، وضمان رشدها يستوجب مشاركة المعنيين بها، فمثلاً من يستطيع تحديد احتياجات المعلمين من التعليم أو التدريب، ومن بوسعه تحديد الطاقة الاستيعابية للمدارس من الطلبة، وماذا ينقص المدارس من إمكانات لتؤدي رسالتها على أكمل وجه، ومن بإمكانه تحديد نقاط القوة والضعاف وتحديد رغبات وميول واتجاهات الطلاب نحو التعليم والمدرسة والإدارة المدرسية والمعلمين من أجل اتخاذ قرارات لتحسين المناخ المدرسي؟
أذكر قبل سنتين عندما قرّرت الوزارة أن تكون الاختبارات في رمضان وفي جو حار جداً، لم يجد هذا القرار قبولاً ما أدى إلى المطالبة بتعديل القرار ولولا صدور أمر من الملك لأدى مثل هذا القرار إلى نتائج تحصيلية غير جيدة. كان المفروض طرح استبانة إلكترونية على عينة عشوائية ممثلة وإشراك الميدان في القرار لتلافي حدوث أي سلبيات! ومثل ذلك الدراسة حضورياً أو عن بعد في ظل جائحة كورونا!
هناك قرارات لإقرار مناهج أو طرق جديدة في التدريس أو إقرار التقويم الدراسي والإجازات أو إعادة النظر في بعض الإستراتيجيات المطبقة لا بد من أخذ رأي الميدان حولها لضمان نجاحها، وهو ما يستدعي قلب المعادلة ليكون مركز صناعة القرار في قاعدة الهرم التعليمي وهو ما سيسهل عمليات اتخاذ القرار ثم ضمان تقبله والحماس لتنفيذه دون حاجة لتنظيم برامج تعريف وتوعية قد تستغرق الكثير من الجهد والمال.