نتحسر في حياتنا على إضاعة كثير من الفرص الذهبية التي لم نستغلها أو نستثمرها والتي كانت ستحقق عوائد وأرباحًا مجزية خاصة عند استرجاع الذكريات والحديث عن أسعار الأراضي في الماضي وكذلك عند مشاهدة وتداول عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، إعلانات قديمة لأسعار أراضٍ وسيارات ببضع آلاف من الريالات ونراها فرصة كانت متاحة (لو) استغلها حينها كل منا لحقق ملايين الأرباح متناسين ومهملين أن الفرصة لكي تنطبق لا بد من توافر شروط عديدة ومتاحة لتستطيع اغتنامها والندم على ضياعها.
- فلا بد أن يكون المبلغ المالي للفرصة متوافر لك أو على أقل تقدير وفق إمكاناتك المالية فمبلغ عشرين ألف ريال قبل 50 عاماً يعد مبلغاً ضخماً ويحتاج إلى مدة لجمعه.
- أيضاً يجب أن يتوافر الفائض المادي المتاح للتفكير في الاستثمار والمغامرة بدون عواقب تعود عليك بالسوء والالتزام المادي حين التعثر.
- كما يجب المعرفة والدراية والاحاطة للفرص المتاحة التي تعرفها من خلال الزملاء والأصدقاء والأقارب والحياة الاجتماعية التي لا تتاح للكثير نتيجة العيش في مناطق بعيدة أو انشغال بالعمل.
- لا تربط الفرص التي مرت عليك بالسنوات فالنضج والإمكانات والمعلومات وقدرتك على اتخاذ القرار تطورت مع السنين والمخالطة.
- ابتعد عن لوم الآباء والأقارب على فرص الثراء المزعوم، فهي ليست متاحة حسب إمكاناتهم المالية وتحول إلى بذل الجهد والبحث عن فرص حقيقية تناسبك بعيداً عن التحسر والتحلطم على والديك لنميز بين الفرصة المتاحة وما نعتقد أنها يمكن أن تكون فرصة وأغلبنا يندم على فرص ضيعها في حياته ويرويها بتحسر وألم علماً أننا لو دققنا فيها لعرفنا أنها لم تكن متاحة لنا وفوق إمكاناتنا ولم تكن حقيقية سوى لمن يملك إمكانية استثمارها ولم يقدم عليها ونحن لسنا منهم، لذا نشاهد ونعايش كثيراً من التعثرات المالية لنا ولزملائنا عند محاولة البحث عما نظن أنها فرص لاستغلالها وهي أكبر من إمكاناتنا المالية وقدراتنا ونلجأ إلى الاستدانة والتقسيط وكما يقال يبدأ مرحلة تسكير الدين بالدين والتي لا نهايات سعيدة لها ومع الأيام تتحول هذه الفرصة المزعومة إلى كابوس يؤرق حياتك المالية واستقرارها ويؤثر على قدرتك على الإيفاء بالتزاماتها.
علما أن الاستثمار في كافة المجالات يخضع لقدر من المخاطرة والمغامرة والقابلية للنجاح والفشل ولكن الفرق بين الناس هو الملاءة المالية والقدرة على تحمل الاستمرار في التمويل أو إغلاقه دون أن يسبب تعثراً أو التزاماً مالياً طويل الأجل تفوق الطاقة، لذا من المهم الإيمان بمبدأ أن التجارة مهما كانت معرضة للربح والخسارة والتي تتطلب استعداداً على تقبل النتائج وتحملها مع التأكيد دومًا للبحث عن استثمارات وفرص تتناسب مع وضعك المالي وإمكاناتك دون التحسر على ما تظن أنها فرص لم تستغلها فالأرض التي عرضت عليك بعشرة آلاف ريال وأنت لا تملك سوى ألف ريال هي فرصة غير متاحة وممكنة في وقتها فلا تتحسر عليها لأنها أكبر من إمكاناتك وإذا أردت عتاب نفسك فاندم على كل مال أهدرته مجاراة للآخرين أو للتباهي وتحمل ديونًا وأعباء مالية فوق طاقتك، ولنحاول أن نتعلم الدرس ونستفيد منه ولنعلم أن الربح والخسارة لا بد أن يمر بها كل شخص مهما بلغ من الذكاء والمكر والدهاء ولكن المهم والعبر المكررة على مر العصور أن الفرص كاللحاف وكما يقال (مد رجولك على قد لحافك) لذا لا تبحث عن فرص أطول من إمكاناتك وقدراتك.