عثمان بن حمد أباالخيل
بيت شعر أعجبني للشاعر الحطيئة:
مَن يَزرَعِ الخَيرِ يَحصُد ما يُسَرُّ بِهِ
وزارع الشرِّ منكوس على الرّاس
الخير والشر وجهان للبذرة التي تزرعها وتنتظر قطاف ثمرتها أو هناك من يقطفها. فإذا زرعت الأمانة فسوف تحصد الثقة وإذا زرعت الشر ستحصد الشر وإذا زرعت الحب سوف تحصد الاحترام وإذا زرعت المثابرة فستحصد النجاح وإذا زرعت العطاء فسوف تحصد الدعاء وإذا زرعت التواضع فستحصد حب الآخرين وإذا زرعت التسامح فسوف تحصد الخطأ فسوف تحصد تأنيب الضمير. حقيقة لا غبار عليها ما تزرعه اليوم تحصده غدًا وعلى نياتكم تحصدون.
مع الأسف هناك من يزرع ويرحل عن هذه الدنيا تاركاً وراءه ثمار مُرّة، ثمار يدفع مرارتها الأبناء وتنعكس على حياتهم فيدفع الأبناء ثمن أخطاء آبائهم. وهناك من يزرع الخير والعطاء والسمعة الطيبة فتظلل شجرة ما زرع أجيالاً وأجيالاً.
ترى هل الأبناء ثمن خطايا الآباء؟ وضع القرآن الكريم قانونًا عامًا، يبين أن الإنسان يجني ثمار جهده، ونتاج عمله أيًا كان، في الدنيا والآخرة، فقال -جلّ وعلا-: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة: 7-8).
راقب حياتك فإن ما تزرعه تحصده وازرع ما تريد حصاده ولا تزرع شعيرًا وتنتظر أن تجني قمحاً. جميل أن تزرع ما يجعل سيرتك تّذكر بالخير في حياتك وبعد مماتك.
أصحاب الضمائر الحية هم وحدهم من يتألمون حين يرون شر ما زرعوا، وأصحاب الضمائر الميتة وما أكثرهم هم وحدهم من يرقصون على أنقاض ما زرعوا. مفارقة بين الخير والشر لكنه الواقع الذي نعيشه. التفنن في الزراعة مطلب إنساني حين يكون إنسانيًا ومطلب شر حين يكون عكس الطبيعة الإنسانية، وفي وقتنا هناك أناس كثر يزرعون الأشجار الطيبة التي تثمر بالعطاء والتسامح والخير ويتمتعون حين يرون ثمارها على أرض الواقع أو تكون لهم صدقة جارية بعد وفاتهم وما أحوجنا جميعًا لذلك.
الناس من حولك لهم وجوه كثيرة فمنهم من يزرع الخير ومنهم من يبذر الشر ويفرق ويبتسم. ابتسامة من حولك من الناس إما أن تكون ابتسامة رضا وحب على ما فعلوه من زراعة ورد عبق برائحة محيطه أو ابتسامة سخرية مبطنة بعدم الرضا وتمني أن تموت شجرة الورد. علمتني الحياة ازرع الخير تحصد خيراً وازرع الشر تلاقيه فهل تعلمتهم أم على عقولكم أقفال وعلى قلوبكم غشاوة. الأيادي الطيبة الكريمة لم تمت ولن تموت، ففي كل زمان تجد الخيرين قناديل تضيء الزمان والمكان.
هذا ما حصدتم «خبز خبزتيه يا الرفلة اكليه» موروث شعبي يترجم حال الذين يزرعون الشوك حين يتعاملون مع الآخرين فهل ينتظرون الشكر الثناء.
همسة
إذا لم تستطع زراعة ما يفيد فلا تزرع الشعير وتنتظر جني القمح. ابذروا واغرسوا فالتاريخ لا ينسي من يزرع الخير.