الرياض - «الجزيرة»:
دخل الديوان العام للمحاسبة مرحلة جديدة ومختلفة من عمره الممتد لما يناهز القرن من الزمان عندما دشّن معالي رئيسه الدكتور حسام بن عبدالمحسن العنقري الهوية الجديدة للديوان في حفل حضره (عن بُعد) عدد من أصحاب السمو والمعالي الوزراء وكبار المسؤولين في الجهات الحكومية.
وتأتي الهوية الجديدة للديوان امتدادًا للحراك الذي يشهده الجهاز الأعلى للرقابة المالية العامة والمحاسبة في المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبإشراف ومتابعة مباشرة من صاحب المعالي رئيس الديوان الذي أكد خلال التدشين أن «الهوية الجديدة تأتي متزامنة مع صدور المرسوم الملكي القاضي بالموافقة على تعديل عدد من مواد نظام الديوان، وإقرار مسماه الجديد، الذي يجسد اهتمام القيادة الرشيدة -أيدها الله- بتطوير الأجهزة الرقابية تأكيدًا لأهمية ما تقوم به من مهام وأدوار واختصاصات».
وكان الديوان الذي يعود تأسيسه إلى عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه-، وبالتحديد عام 1345هـ، قد حمل أسماء عدة، كان أولها ديوان المحاسبات، ثم توالت أسماء عدة قبل أن يحمل الاسم الذي لازمه أكثر من (50) عامًا (ديوان المراقبة العامة) حتى صدر أمر ملكي في ذي الحجة 1440هـ بتغيير مسماه إلى الديوان العام للمحاسبة.
وعن شعار الديوان الجديد قال معالي الدكتور حسام العنقري: «إنه يرمز إلى (التكامل)، ونحن عازمون على تأصيل ثقافة الشراكة الحقيقية مع الجهات المشمولة بالرقابة، وتعزيز القيمة المضافة التي يحدثها الديوان تحقيقًا للصالح العام».
وتوالى على رئاسة الديوان العام للمحاسبة ستة من أصحاب السمو والمعالي قبل معالي رئيسه الحالي. وقد أصبح الديوان بموجب مرسوم ملكي، صدر الشهر الماضي، جهازًا رقابيًّا مستقلاً، يرتبط مباشرة بالملك، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري؛ وهو ما يعني نقلة تاريخية للديوان، ينتظر أن تضفي على عمله الكثير من التميز وتحقيق المزيد من النجاحات.
وفي هذا الصدد نوه معالي رئيس الديوان بالنقلات النوعية المعاصرة التي حققها الديوان في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- مؤكدًا أن التعديلات التي تمت بموجب المرسوم الملكي على مسمى الديوان ونظامه، وإطلاق الهوية الجديدة للديوان، سيكون لها الأثر الإيجابي -بإذن الله- في الارتقاء بمستوى الأداء المهني للديوان إلى آفاق أرحب، بما يحقق تطلعات القيادة الرشيدة -أيدها الله-.
ومما يُشار إليه أن الديوان الذي يختص بالرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها، وكذلك مراقبة أموال الدولة كافة، ومراقبة حسن استعمال هذه الأموال واستغلالها، والمحافظة عليها، ويقوم بذلك من خلال المراجعة المالية والالتزام، والرقابة على الأداء، قد خطا خطوات واسعة في السنوات الخمس الأخيرة للقيام بدوره الأصيل، وتعزيز شراكته المهنية وحضوره كعنصر فاعل ورئيس في عجلة التنمية.
وفي هذا الصدد دشّن الديوان في 4/ 11/ 1439هـ المركز السعودي للمراجعة المالية والرقابة على الأداء؛ وذلك إيمانًا منه بدوره في تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير فرص تدريب عملية وميدانية معتمدة في مجالات المراجعة المالية والداخلية ورقابة الأداء، لا تقتصر على موظفي الديوان الذين يتجاوز عددهم الـ(1600) موظف فحسب، بل استفاد منها آلاف المتدربين من منسوبي الجهات المشمولة برقابة الديوان.
وتحقيقًا لما تضمنته رؤية المملكة (2030) فقد توسع الديوان في تطبيق الأنظمة الآلية بهدف تسريع وتيرة العمل مع الجهات المشمولة برقابته. وفي هذا الجانب تم إنشاء العديد من المنصات الإلكترونية، من أبرزها منظومة الرقابة الإلكترونية «شامل»، ومنصات «وثيقة»، ومنهجية المراجعة وصون المال، وتنفيذ ومتابعة الخطة الاستراتيجية.
ولم يغفل الديوان دور المرأة السعودية وقدراتها؛ فسعى إلى تمكينها من العمل، ومنحها الفرص الكافية فيه؛ إذ تم توظيف العديد من الكوادر المؤهلة في التخصصات المطلوبة، وتمكينهن من الحصول على التدريب اللازم في مجال الممارسات المهنية الموكلة إليهن.
وعلى الصعيد الدولي أحدث الديوان نقلة نوعية في توثيق علاقاته الدولية، وتعزيز مكانته في المنظمات الدولية والإقليمية؛ إذ يشغل الديوان منصب النائب الثاني لرئيس المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة «الإنتوساي»، ورئيس لجنة السياسات والشؤون المالية والإدارية بها، وممثلاً لجميع الأجهزة الرقابية العربية في المنظمة الدولية «الإنتوساي». كما نجح الديوان في الحصول على موافقة الجمعية العامة للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي» بالإجماع في دورتها الثالثة عشرة بأن يتولى الديوان العام للمحاسبة رئاسة الدورة الرابعة عشرة لأعمال الجمعية العمومية للمنظمة في عام (2022م). وبهذه الموافقة يتولى الديوان منصب النائب الثاني للمنظمة، بجانب العديد من المناصب الدولية والإقليمية، والحضور الفاعل على الأصعدة كافة، وتعزيز العلاقات الثنائية مع الأجهزة الرقابية النظيرة في البلدان الشقيقة والصديقة.