د. محمد عبدالله الخازم
أتذكر في عام 1999م الحدث العلمي الكبير بإعلان مركز لندن الطبي الجامعي في كندا إجراء الروبوت أو ما يعربه البعض بالإنسان الآلي، إجراء عملية قلب لمزارع كندي يبلغ من العمر 60 عاماً. كان الحديث عن مستقبل الروبوتات يبدو خيالاً، لكنه الآن تجاوز حتى تلك الخيالات فأصبح مألوفاً في كل المجالات، وبإمكانيات عالية جداً. هنا بعض الخلفيات التاريخية لهذا المسمى الربوت.
يتصور البعض أن كلمة الروبوت (ROBOT) تمثِّل اختصاراً لكلمات إنجليزية كما هو متعوّد في كثير من المصطلحات العلمية، أو أنها تعني شيئاً محدداً في اللغة الإنجليزية. والواقع أن ذلك غير صحيح، حيث ظهرت كلمة روبوت لأول مرة في عمل مسرحي للكاتب المسرحي (كارل كيبك) Karel Capek وهو من الكتَّاب الذين عاشوا في بدايات القرن ورشحوا أكثر من مرة لجائزة نوبل الأدبية، حيث ألَّف مسرحية (Rossumes Universal Robots) افتتحت ببراغ عام 1921م وما لبثت أن عرضت في بقية أوروبا والولايات المتحدة وعرفت اختصاراً بـRUR. ويُقال إن الاسم روبوت أتى صدفة لأن المسرحية كانت تتحدث عن عامل آلي ربما تصوّره المؤلف حائراً منه ميكانيكياً، وكان المؤلف حائراً في ماذا يسمي ذلك الآلي، فاستشار أخاه جوزف حول مسمى لايوري لتلك الشخصية الغريبة واقترح جوزف أن تُسمى روبوت لأن لايوري اسم قد لا يرسخ في ذهن المتلقي .وهكذا كانت تسمية الروبوت.
في أحد مقاطع المسرحية كان هناك شخص ثالث يتحدث عن صاحب الروبوت ويقول (إنه لأمر فظيع، أن يأتي هكذا ببساطة، رافضاً تحمّل كل مسؤولياته تجاه تلك الفكرة التي طرحها بأن الآلة ستحل محل الإنسان، وأن الأسلاك المتشابكة ستنتج الحب، الحياة وستحارب النظام.. إن هذا الافتراض إما مبالغة في تقدير الآلة أو أنه يهدف إلى الانتقاص من حقنا في الحياة).
الاهتمام بعلاقة هذا الاختراع بالإنسان كانت تتصدر ذهن الكثيرين وهي قضية دائماً ما يحفل بها أي مكتشف جديد، لأن الإنسان دائماً ما يخشى على وجوده وكينونته التي خلق عليها من الاكتشافات الجديدة، ونجد أن المؤلف أزيموف في منتصف القرن الحالي يضع ما عُرف بقوانين الروبوت الثلاثة والتي أضيف إليها فيما بعد قانون رابع رقِّم بالرقم صفر. وهي قوانين ملخصها أن الروبوت يجب أن يكون مسخراً للإنسان، ولا يعصي أوامره، أو يدمّر الإنسان، وأن يحافظ على نفسه مقابل أي اعتداء عليه إلا إذا كان ذلك موجهاً من الإنسان الذي يديره، الذي يجب أن تكون كلمته العليا وهو الأعرف بمصلحة الروبوت ... إلخ.
المراجع تشير إلى (George Devol) على أنه أبو الروبوت الحديث كونه مع (JoeEN-gelberger ) أول من سوَّق الروبوت تجارياً في نهاية الخمسينات من هذا القرن.. وهكذا بدأ انتشار الروبوت وتعدَّدت الجهات المهتمة به. حتى أصبح يدخل في مجالات كثيرة، وبأشكال مختلفة ليس أبسطها بعض الألعاب التي تُباع بأثمان زهيدة.. ومنها ذلك المعقد والذي يدخل ضمن نطاق الأسرار الصناعية والمستخدمة في ساحات الصراعات العسكرية والتكنولوجية.