م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- التعريف العربي القديم للثقافة هو: الأخذ من كل علم بطرف.. أي أن تعريف الثقافة كان معرفياً.. بينما التعريف المعاصر يرى أن الثقافة ليست علوماً ومعارف وإنما هي منظومة من السلوك.
2- نحن في المملكة كانت سنواتنا التسعين الماضية تركز على ثقافة المعرفة.. ومن الواضح في «رؤية المملكة 2030» أنها تدعو إلى دفع المجتمع نحو تجديد وتطوير الثقافة السلوكية لديه.. أي أن اتجاه التنمية سوف يؤدي إلى تغيير تعريفنا للثقافة.. وعليه فإن حراك المجتمع الثقافي يفترض أن يصب في الاتجاه السلوكي.. وبالتالي فإن تعريفنا للثقافة كمجتمع وكمنظمات ثقافية يجب أن يصب هو أيضاً في ذات الاتجاه.
3- كلنا نعرف أن الثقافة تختلف اختلافاً كبيراً من بيئة إلى أخرى.. وفي المجتمع الواحد من جيل إلى جيل.. في نواحي المسكن والملبس وطرق الانتقال وعادات الزواج وتربية الأبناء وسلوكيات التعامل ... إلخ.. فالمجتمع هو الذي يصنع الثقافة والثقافة هي التي تصنع سلوكه وتوجه أفكاره وممارساته وتصرفاته.
4- تأثير البيئة مساوٍ لتأثير الثقافة من ناحية تباين الشعوب في الشكل والمضمون.. فالبيئة الجغرافية تؤثّر على شكل الإنسان.. والبيئة الثقافية تؤثّر في مضمونه.. من هنا نجد أن الثقافة هي الجانب الجماعي من الشخصية.. أما الشخصية فهي الجانب الذاتي من الثقافة.. من هذا المفهوم فقد أطلق أحد المثقفين صرخته: «أنا الثقافة لكن الثقافة ليست أنا».. فالإنسان هو مبدع الثقافة.. وبذلك فهو أكبر من الثقافة وأقدم.. أيضاً هو فرد وإن سار مع الجموع.. وهو الذي يجب أن تكون الثقافة في خدمته وليس هو في خدمتها.
5- الثقافة هي نتاج الإنسان.. وهو الذي يجب أن يشكِّلها لا أن يقع أسيراً لها فتبدأ هي بتشكيله.. وقدر المجتمعات أنها دائماً في صراع مع من يريد أن يجنّد الثقافة سلاحاً في تحقيق أجندته ومصالحه.. وبين من يريد للثقافة حراكاً مجتمعياً طبيعياً غير موجه «ومن يجعل الضرغام بازاً لصيده، تصيَّده الضرغام فيمن تَصَيَّدا».
6- دعاة توحيد مصادر التلقي وفرض واقع فكري منظم يخدم اتجاهاً فكرياً واحداً لا يدرون أنهم بذلك يفسدون الحياة.. فكل من يريد أن يوجه الثقافة لفَرْض واقع افتراضي يتّبعه الناس بهدف خدمة مصالح خاصة مخطئ في حق وطنه ومجتمعه.. لأنه بذلك قد حَوَّلهم من مجتمع حي له حرية الحركة والتفكير إلى قطيع مسلوب الإرادة يسير حيث يوجه.