إبراهيم بن جلال فضلون
كل ما يجري في أمريكا يهُمُ العالم، ويشُدُ أنظاره؛ لما تُؤثرهُ القرارات السياسية والرؤى الاستراتيجية الأمريكية في العالم بأسره، لذلك فالاهتمام الدولي بها، أمرٌ مُحتمٌ على كل دول العالم والمهتمين بمستقبلهم.
فقد هبط «ترامب» بمظلة من عالم المال والأعمال إلى عالم السياسة، ليفوز عام 2016 بمفاتيح البيت الأبيض من أول سباق، أوقعه أرضاً في نهايته كورونا المستجد، وتلك فرصة لغريمه مرشح الديمقراطيين «بايدن»، الذي شب سياسياً، وكبر في دهاليزها مُتدرجاً حتى صار نائباً لأوباما وامتداداً له. غير أن للتاريخ كلمة فيه مُسجلاً له من الخيبات والفشل في عدة سباقات رئاسية، آخرها عام 2008، ولم يتمكن حتى من تجاوز عتبتها.
وبعد ما يقرُب من نصف قرن يُعيد الكرة، واجداً نفسه على مرمى حُصاة من الوصول إلى تحقيق حلمه. فهل سيكون الرئيس الـ46 لأمريكا، في خريف «نوفمبري» وسط حُمّى الانتخابات الأمريكية؟!، أما ترامب فهو «أكشن» لردة فعلٍ لكل الضعف والهوان والتنازلات التي اعتمدها أوباما للتخلي عن قيادة العالم، وجعل من أمريكا دولة عادية تتخلى عن حلفائها، وتعزز مكانة خصومها في تراجيديا تاريخية غير مفهومة بشكل واضحٍ؛ لأن كل قرارٍ تتخذه، يبلغ أثره أطراف العالم.
فهل ستخرج مفاتيح البيت الأبيض من جيوب ترامب، كما تنبأ أستاذ التاريخ الأمريكي آلان ليتشمان في مقابلة مع CNN، معتمداً على نموذج من «13 مفتاحًا» منذ عام 1860، يمكن الإجابة عنها بعلامة الصح أو الخطأ في أي انتخابات معينة، وكأن «السر يُكمن في إبقاء عينك على الصورة الكبيرة للقوة والأداء الحاليين، ليقول: «إنها ما نسميه نظامًا قويًا. لقد استمرت على الرغم من تغييرات هائلة في سياستنا، في اقتصادنا، في ديمقراطيتنا. لا تعبث بالمفاتيح».
لقد مرَّت أمريكا بعد فوزها بالحرب العالمية الثانية إلى فوزها بالحرب الباردة، بعقود من التذبذب والسياسات المختلفة، فلن يكون أوباما «لينين» ولا بايدن سيكون ستالين، لكن القاعدة الفكرية والفلسفية للمدرستين لا تختلف عن تلك التي اعتمدها الشيوعيون الحمر في موسكو من قبل، إلا من حيث حجم المتغيرات في المعطيات الواقعية والتغيرات التاريخية.
فانتصار ترامب يعني أربع سنوات جديدة من هدم وتدمير إرث أوباما الغريب، وعودة بايدن تعني محاولة استعادة ذلك الإرث، ولكن أياً كان المنتصر، فإنَّ حلفاء أمريكا، خاصة العالم العربي ومنطقة الخليج، لديهم خيارات كُبرى بحسب الفائز، والمصالح، مما يعني أن النتائج لن تكون كارثية أو غير ممكن التعامل معها، والفرق يكمن بين أيهما سيحقق مصالح هذه الدول أكثر من خصمه.
إن التاريخ لا يتوقف عند أحد، وصراع الأفكار الكبرى والفلسفات والقوة غير قابل للتلاشي، فمن سينتصر في فبراير الخريفي؟!!.