د. عبدالرحمن الشلاش
اتخذت وزارة التعليم قرارها ببدء الدراسة في موعدها لكن عن بعد بسبب استمرار جائحة كورونا، وخوفاً على الطلبة من العدوى، والدراسة عن بعد ليست جديدة هذا الفصل فقد فرضها الواقع عندما حلَّت جائحة كورونا على حين غفلة فارتبكت كافة المؤسسات ومنها المؤسسات التعليمية التي اضطرت إلى الانتقال مع طلابها ومتدربيها إلى منازلهم وبيوتهم، أي الانتقال من القاعات العادية أو التقليدية إلى إنشاء قاعات افتراضية بواسطة منصات التعليم عن بعد. الأستاذ في مكان وطلابه في مكان آخر وهنا تكمن الصعوبة في دخول المتغير التقني وبقوة، وهذا استدعى وجود فرق من الفنيين لتدريب من لا يعرف كيف يتعامل مع هذه التقنيات، وكذلك للإشراف على نقل التعليم لمسافات بعيدة عبر مئات الفصول الافتراضية ليتابع الطلبة تعليمهم وهي عملية لم تكن سهلة، إذ تتم عمليات التدريس ونقل الأفلام والصور والمعلومات للمتعلمين وتمكينهم من المناقشة وحل الواجبات وأداء الاختبارات القصيرة والطويلة وتسليم البحوث، وتأكد الأستاذ من حضور طلابه ومتابعتهم وهي عمليات ليست يسيرة وتتطلب وجود فنيين أكفاء وأساتذة متمكنين من إدارة الفصول بكفاءة عالية، وبنية تقنية متكاملة من نظم فعَّالة وأجهزة في متناول الجميع والأهم إنترنت سريع يدعم هذه النظم ويزيد من قدرتها على القيام بالمطلوب.
خلال الجائحة نفذت وزارة التعليم عبر الجامعات والمدارس كثيراً من هذه الفصول، وحرصت على أن يكون التنفيذ في أفضل صورة عبر المتابعة المستمرة، وتوفير التدريب والأجهزة ضمن المنصات، ولأن التجربة مفاجئة وجديدة فقد كشفت المستور عن سلبيات يمكن بتلافيها ومعالجة أسبابها تحسين عمليات الدراسة عن بعد وطرح أمكان الاستفادة منها مستقبلاً في بث برامج تعليمية والتغلب على زيادة أعداد الطلبة.
من تجربة أرى أن الجودة في الدراسة عن بعد تتحدد بمدى كفاءة البنية التقنية. كشفت منصات التعليم عن بعد منذ بداية تطبيقها المستور عن ضعف البنية التقنية وقلة توافر المنصات وجهل كثيرين بطرق الاستخدام، بل إن البعض قد أبدى عجزاً تاماً عن التعامل مع التقنية، كما ظهر الإنترنت في حالة سيئة في مناطق، أو في أماكن وجود بعض المتدربين أو الطلبة مما حدَّ من أن تكون الاستفادة كاملة.
لدي قناعة أن منصات التعليم عن بعد لن تكون بديلاً عن التعليم في القاعات وجهاً لوجه على الأقل في المدى المنظور، لكنها من الحلول التي تفرضها الضرورة في أوقات الأزمات، لذلك العناية بها وتطويرها مطلب ومن ذلك تحسين البنية التقنية وتدريب الأساتذة عليها ليكونوا قادرين على التنفيذ المميز وإلا فإن عودة الطلبة إلى فصولهم ولو بعد حين أفضل من دراسة لا تفي بالغرض.