الجزيرة - المحليات:
أكد د. محمد مصطفى حسانين أستاذ الأدب والنقد والنظرية المشارك بجامعة المدينة العالمية وجامعة جازان، بأن تأسيس مجمع الملك سلمان للغة عربية يأتي امتداداً بالغ الأهمية لجهود المملكة ليس فقط لخدمة اللغة العربية في حد ذاتها، بل الثقافة العربية عموماً، وذلك في تعبير واضح الدلالة على وعي حضاري رفيع بضرورة النهوض الثقافي. منوهاً بأن المجمع تتويج لكل الجهود المبذولة لتوطين اللغة العربية بوصفها لغة للحضارة، ووعاء للاستثمار الثقافي.
وقال د. حسانين إن إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يعد ترجمة فعلية لأحلام اللغويين والمشتغلين باللغة العربية في ميادينها المتنوعة، وثمرة تخطيط استراتيجي متراكم حملت عبئه المملكة العربية السعودية لخدمة اللغة العربية والحفاظ عليها ونشرها وتعزيز حضورها إقليمياً وعالمياً. موضحاً بأنه لا تعارض بين كون المجمع مركزاً بحثياً هادفاً إلى مراكمة الأبحاث العلمية الجادة في ميادين اللغة العربية المتنوعة والمتشعبة، وبين كونه في ذات الوقت قوة ثقافية وحضارية «لأن الرؤية الاستراتيجية للمجمع تأتي من وعي نوعي بأهمية اللغة من جوانبها الحضارية لكونها أحد مصادر التنمية البشرية لأي أمة». لذا كما يقول حسانين: «من الصعب تصور وجود نمو معرفي وثقافي وعلمي حقيقي لأي أمة، دون لغة مُبَيَّئة تنقل المعارف إلى مُتكلميها وعلى أرضها وفي بيئتها. وعلى هذا الأساس فإنه من الصعب إقصاء أهمية لغة الأمة في التنمية المستدامة، والاقتصاد، لأنها جزء من الرصيد الحاضر والقائم الذي لا ينبغي إفقاره أو إهماله ليذوب في لغات مغايرة، لكون اللغة هي حاملة ثقافة الشعوب واستخدامها يعكس جزءاً من الانتماء.
وأشار د. حسانين إلى أن دور مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في تعزيز مكانة اللغة العربية دولياً يدخل ضمن تعزيز اختيار التنوع عالمياً، من جهة، ومن جهة ثانية سيكون ذلك وسيلة مهمة لتحقيق أرباح لغوية، مادية ورمزية «باعتبار اللغة ركيزة قوية لإقامة التكتلات الاقتصادية والثقافية والسياسية بين الناطقين بها في الدول العربية، كما أنها تدعم إقامة تلك التشكلات بين الناطقين بها خارج الحدود الجغرافية العربية، مما يُمكّن من زيادة سبل التضافر والاستثمار الثقافي والاقتصادي والسياسي والمعرفي العلمي أيضاً».
وأكد أستاذ الأدب والنقد بأن تأثير المجمع سيظهر أيضاً في ما يتصل بالتعليم والتربية لتقليل الازدواجية في النظم التعليمية، وكذلك بالاقتصاد وحركة التجارة «وما تتطلبه حركة التجارة الإلكترونية السائدة التي تحتاج إلى قواعد بيانات مهولة باللغة العربية، وهناك ما يتصل ببناء مجتمعات المعرفة». مشدداً على أهمية «التعريب والترجمة» لكونها تعكس أصداء الاستثمار في اللغة العربية على صعيد نقل العلوم والمعارف، «وهي ركيزة أساسية لأي نهضة واعدة، في ظل العولمة».
وربط د. حسانين إشكالية الاستبدال اللغوي التي تعاني منها اللغة العربية بمشكلات الترجمة والمصطلح، وتمثل قضية التعريب العصب المركزي لها، والتي تتنازعها أبعاد متنوعة أكاديمية وثقافية، وكذلك ما يتصل بسياق العولمة الكونية، والأبعاد الاجتماعية. معتبراً توحيد المصطلح العلمي العربي، والاستثمار في مشروعات المعاجم المصطلحية العلمية، وبنوك المصطلحات العلمية والتنسيق بين جهود مكاتب التعريب ضرورات ملحة أمام المجمع للتغلب على إشكالية الاستبدال اللغوي، عوضاً عن تتشتت المصطلحات، وبعثرة اللغة العربية العلمية التي أفضت إلى ظاهرة فوضى المصطلحات.