د.نايف الحمد
قبل أيام عدة.. أعلن سمو وزير الطاقة عن اكتشاف حقل هائل للغاز شرق مدينة سكاكا بمنطقة الجوف.. والذي سيمثل رافدًا مهمًا لاقتصاد وطني الحبيب؛؛
(بلدة طيبة وربٌ غفور)،،
سكاكا.. مدينة حالمة، تقع على ضفاف نهر الحب!!
المدينة تكبر، وسكانها لايتغيرون.. يعيشون بقيمهم التي عُرِفت عنهم، فالطيبة و(الفزعة) لاتفارق أصغر شاب منهم،
كرماء يخجل منهم الكرم، ويتسمى باسمهم،،
مدينة ضاربة في عمق التاريخ.. تلقفت الحضارة منذ مئات السنين.. ومازالت أبنيتها العتيقة شاهدًا عليها!!
يقدّمون الغريب «ويؤثرون على أنفسهم» ويتسابقون لاستضافته،،
عندما تجوب شوارعها وأزقتها القديمة ستجد الأبواب مشرعة، ورائحة البن تفوح منها.. وإذا دلفت، بادروك بتمر الحلوة، (ودلّة ساخنة) وعبارات الترحيب تعطّر أجواء المكان،،
شموخ أبنائها كشموخ أشجار النخيل المنتشر في بساتينها القديمة، وكأنهم يحاكونها ويتصفون بصفاتها!!
صدورهم واسعة.. وصبرهم كصبر أشجار الزيتون عن الماء!!
تمر بهم المحن والأزمات ويعبرونها كما يشربون فناجيل القهوة.. فإيمانهم بالله ثم بأنفسهم لا يتزعزع.. رجالهم جبال لا تهتز وإن ثارت براكين بقربهم.. ونساؤهم أخوات الرجال.. مُربيات الأجيال.. يقفن بعفة وعزة وشموخ وكبرياء،،
سكاكا هي العشق الذي لا يموت لأبنائها وإن تطاولت السنون، وحالت الأيام بين العاشقين.. وحلم العودة وحنين اللقاء كحنين الأم للقاء أبنائها بعد الفراق،،
من شمال سكاكا حيث القلعة التاريخية «زعبل» تطل على المدينة الحالمة لتكشف وجه المكان، ويفوح منه عبق الماضي التليد.. حيث الأصالة والتاريخ يتجسد أمام ناظريك، ولست بحاجة لقراءته..! وفي نزولك أسفل القلعة يسترعي انتباهك «بئر سيسرا» ليحكي لك قصة حضارة ضربت جذورها عمق الأرض.. وأمثلة تشهد على عظمة هذه المدينة وإرثها الكبير!!
في سكاكا يمتزج الإنسان بالمكان.. أما الزمان فهو الشاهد على قدرة أهلها على تشرّب الحضارات الغابرة واللاحقة واستيعابه، وتحويله إلى سلوك يحاكي ذلك المجد ويُعبّر عنه. في سكاكا يتشاركون الأحلام والآمال.. وعيونهم تحدّق في السماء بتفاؤل.. لايعرفون اليأس أو الانكسار، فهم يتكئون على إرث عظيم، وإيمان بقدراتهم، وعزيمة كبيرة في بناء مستقبلهم،،
رجالهم فخر الرجال.. ومدينتهم أم المدائن.. ففيها يعرف الإنسان قيمة الإنسان..!
نقطة آخر السطر
استميحكم عذرًا في الكتابة في هذا الأسبوع عن شأن غير رياضي.. فالمناسبة عظيمة واستثنائية للوطن ولأبناء الشمال بشكل خاص.. حيث تفجرت أرض الشمال بينابيع الخير لتساهم مع باقي مناطق المملكة في مسيرة العطاء لهذا البلد الطاهر في ظل رعاية وعمل دؤوب من حكومتنا الرشيدة في رسم مستقبل مشرق بإذن الله.