إيمان الدبيَّان
جميلة ثريّة، عميقة غنيّة، تسمع رموزها فتطرب لها، وتقرأ منظومها فتُغرم بها، اختارها الله أساساً في عمود الدين، وخصها بالتخاطب مع خاتم المرسلين -صلى الله عليه وسلم-، إنها لغتنا التي بها أُحدِّثُك، وأكتب بها لهم ولك، فاللغة كما عرّفها ابن حزم هي (ألفاظ يعبر بها عن المسميات، وعن المعاني المراد إفهامها، ولكل أمة لغتهم) ونحن أمة عربية لغتنا العربية ميزها الله عن غيرها وتميزنا عن غيرنا بألفاظها.
لغة الضاد والبلاغة، لغة الإعجاز بِبَراعة قد تُكَوِّنُ جملة كاملة بكلمة، وقد تلغيها بحرف، لا يوجد مسلم لم ينطق بها في صلاته، مرتبطة بالإنسان من مولده إلى مماته.
اللغة العربية تكتسب اليوم مكاناً عالمياً، واهتماماً جَلِيَّاً بعدما أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- أمره الكريم بتأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية؛ ليكون مرجعاً عالمياً للغة العربية من خلال نشر الأبحاث والكتب المتخصصة باللغة العربية، والاهتمام بالذكاء الاصطناعي في اللغة العربية، وإجراء الاختبارات والمعايير في اللغة العربية، وإقامة المعارض والمؤتمرات، وإنشاء وحفظ المدونات والمعاجم، وتأسيس مراكز تعلّم للغة العربية.
يستهدف هذا المجمع المتخصصين في اللغة العربية، والعاملين في مجالات التقنية والتعلم وصناعة المحتوى، والمتعلمين للغة العربية من غير أبنائها.
مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ارتبط باسم الرجل القارئ للتاريخ والأدب، الرجل الشَّغوف بالثقافة، والمهتم بالعلماء والمثقفين، فمنذ أن كان - حفظه الله- أميراً للرياض وإلى اليوم يحرص على مجالسه الثقافية محاوراً فيها عمّا يقرأ في الساحة الثقافية والصحفية.
هنيئاً لنا، ولوزارة الثقافة هذا المجمع اللغوي، ومبارك للعالم إنجازاً جديداً تساهم به السعودية وتصنع.
الاهتمام باللغة العربية ليس مقتصراً على المثقفين، ومن هم ببحر دراستها متعمقين، فالاهتمام بها يجب أن يكون من الجميع لأنها هوية قبل أن تكون درجة علمية، لتكن لغتنا هويتنا في تخاطبنا، وفي واقعنا، وفي كل جوانب مجتمعنا، في مطاعمنا، ومقاهينا، في فنادقنا، ومدارسنا في مؤسساتنا ومجالسنا.
تعلّموا إن استطعتم كل لغات العالم؛ ولكن لا تهجروا لغتكم، ولا تشوّهوا أحاديثكم بمصطلحات أجنبية تُقبّحها ولا تُجمّلها، تنقصكم حضارة ولا تزيدكم مهارة.
الحديث عن اللغة العربية لا ينتهي لدي حباً، ودراسةً، عملاً وممارسةً، وبكل حروفها ونثرها، وشعرها أقدم شكري لولاة أمري، وأردد فخري بأصالة عروبتي ووطني.