د. محمد عبدالله الخازم
دون مقدمات أكتب اليوم عن ثلاث صفات مزعجة لدى بعض المديرين والقادة:
الغيرة وأااه من الغيرة! داء شائع يقتل إبداع القيادي في تعامله مع أعضاء فريقه. نعم، الغيرة توجد لدى بعض القادة؛ يغارون من نجاح موظف ويغارون من فكرة جميلة يحضرها أحد أفراد فريقهم ويغارون من مديري قطاعات أخرى ويغارون من رؤساء سبقوهم وربما رؤساء توفاهم الله. هناك جانب آخر للغيرة، نشرحه بتصرفات الأطفال. الطفل تظهر عليه الغيرة أحياناً من خلال استيلائه على ألعاب غيره من الأطفال أو البحث عن شراء ما هو مثلها وأغلى منها، وبعد أن تصبح بين يديه يتعامل معها بعنف أو إهمال أو بشكل غير لائق. غيرة تنتهي بحب تملك ما لدى الآخر، وعندما يكون في حوزتك لا تهتم ولا تعتني به. يحدث ذلك في استقطاب الكوادر عندما يرونها متميزة، لكن عندما تصبح في مؤسستهم يحاولون تكسيرها وعدم منحها فضاء الإبداع.
البخل.. ويزداد سوءاً حينما يجتمع مع التصنيف للآخرين. القائد البخيل يحتج بالنظام وحرصه على المال العام، لكن الحقيقة أنه يبخل بكلمات الشكر والتقدير والتفاصيل الصغيرة يقولها أو يكتبها للموظف أو الموظفين. القائد البخيل يحسد موظفاً صغيراً على مكافأة صغيرة وفي نفس الوقت يريد بناء إمبراطورية كبرى يشار لها بالبنان. القائد البخيل، تجده حتى في مصطلحاته وكلامه شحيحًا بالكلمة الجميلة، يستخدم التهديد والوعيد وينهر هذا وذاك ولا يجيد الاستمتاع مع فريقه وزملائه في حفلة شاي أو مناسبة تكريمية. تعامله جفاف، إن قلت له نريد وردة تزين المكتب قال لك لا حاجة لنا بذلك وإن قلت لدينا موظف يستحق التكريم، قال لك: ما يحتاج هو يأخذ راتبه وإن قلت فلاناً يحتاج علاوة لجهده، قال: لا تفتح علينا باب العلاوات. البعض بخيل على نفسه وعلى غيره والبعض يبخل على الغير فقط، لكنه يحلل لنفسه وذويه الطيبات، ليجمع بين البخل والأنانية أو التمييز!
التنمر.. المصطلح شائع في التربية، لكن هناك أيضاً قياديين تتسم سلوكياتهم بالتنمر ضد الأخرين بعيداً عن التفسيرات (السيكولوجية) والاجتماعية والتربوية، الظاهرة حاضرة في سلوكيات الإدارة يمارسها البعض بطريقة منهجية لكي يثبت وجوده أو ليوحي بأنه الأفضل والأعلى سلطة منك. وفق سلطته يرفع صوته، يقاطع فكرة يطرحها أحدهم، يحط من قيمة الرأي الآخر، يوجه اللوم والتقريع أمام الآخرين، إلخ. عادةً هو لا يبالي بأثر هذا السلوك معنوياًعلى الغير، وأنه قد يدفعهم للصمت أو التجاوب السلبي والبعد عن تبادل الأفكار. يصمت الناس أمام سلوكيات القائد المتنمر رغم إزعاجها، ليس لموافقته عليها ولكن لأنهم لا يملكون السلطة المماثلة لسلطة القائد فيدفعون عن أنفسهم، يجبرون على تحمل ما يقوله بحكم سلطته التي قد يستخدمها في إيذائهم. التنمر يستخدم كسلوك إقصائي في حالات؛ كل ما هو حولي ولا ينتمي لقبيلتي هو أدنى مني ويستحق الإقصاء، والقبيلة هنا قد تكون اللهجة، المنطقة، الأيدلوجيا، المهنة، الشهادة، إلخ. كما أنه يستخدمه كسلوك إثبات ودفاع عن سلطه، لذا ترى القائد المتنمر يتقمص هذا السلوك بشكل أكبر عندما يكون أمام الآخرين وليس عندما يكون منفرداً بك.