حماد الثقفي
حينما يتفشى الفساد ويستشري بمجتمع ما يلتهم كل ما يراه، وهو ما يمكن تسميته بـ(فساد الطبقة المخملية)، أي (كبار الموظفين والمسؤولين ورجال الأعمال ووجهاء المجتمع)، وهو الأسوأ والأخطر على الاقتصاد، حتى أضر بالوطن، وعطل التنمية لسنوات، وأوقف الكثير من المشاريع، وحطم آمالنا!
والملاحظ أن فساد الصغير لا يتعدى شخصًا أو شخصين، لكن فساد المسؤول يكون خلفه طبقة كاملة من «هوامير الفساد»، ولصوص الكسب غير المشروع.. وقد تجذر وتمدد كالسوس، ينخر في عمق البنى التحتية لمؤسسات الوطن، وبجشعه كشر عن أنيابه فوقها، وفاحت رائحته؛ فأزكمت الأنوف حتى ألفناها على مضض، وألفها الناس؛ ما يعني تكاثره وسرعة انتقاله كالوباء في جسد الوطن.
ولعل ما خرج علينا من القرارات الملكية الأخيرة بإنهاء خدمة قائد القوات المشتركة، وإعفاء نائب أمير الجوف من منصبه، وإحالتهما للتحقيق برفقة عدد من المواطنين، يعكس مدى الحرص الكبير تنفيذًا لمبدأ المساواة، وامتدادًا لنهج محاربة الفساد الذي أرساه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده؛ فلن ينجو أحد.. وهو قول وفعل! أراح وطمأن الشعب بأن الخير فينا، ولن ينجو من عاصفته فاسد؛ فلا أمير ولا وزير ولا متنفذ ولا غفير!
وقبل سنوات عدة شدَّد ولي العهد على مبدأ ترسيخ النزاهة والشفافية؛ ليصبح أحد العناوين المضيئة في مسيرة الوطن، ومحاسبة مَن تتوافر عليه الأدلة الكافية؛ فبدأ الملك -حفظه الله- بعاصفة حزم داخلية، بدأت من «أعلى الدرج» لا أسفله، فكانت أوامره خطوطًا حمراء؛ فالكل سواسية أمام القانون.
لقد تبوأت المملكة مكانة متقدمة عالميًّا في سيادة قيم النزاهة والشفافية، إضافة للحوكمة؛ لتنعكس على نتائج الإصلاحات الاقتصادية؛ لنكون مضرب مثل، وحديث الاقتصاديين ممن يشيدون بدور المملكة النهضوي؛ وهذا ما جعلها تترأس مجموعة العشرين، وأن تعقد عددًا من اتفاقيات التعاون مع أكبر الاقتصادات العالمية. ويذكِّرنا التاريخ بمرحلة محاربة الفساد الأولى التي طالت الرؤوس الكبرى في واقعة «الريتز»، واستعادة أكثر من 100 مليار ريال، واستطاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، بحماسة شاب واعٍ، وسياسات رشيدة، واستراتيجية متكاملة، وإيمانه المطلق بأهمية النزاهة والشفافية، بناء اقتصاد صحي، وكان هدفًا ساميًا قررته الدولة للحفاظ على مكتسبات الوطن، واستعادتها من أيدي ضعاف النفوس والعابثين الذين استغلوا مواقعهم الوظيفية لتحقيق مصالحهم الخاصة الضيقة. واعلم أيها المواطن أن قلاع الفساد تتداعى، وسلمان الحزم وولي عهده يعملان لأجلك!