سلمان بن محمد العُمري
منذ شهر تقريباً، وصلت إليَّ مجموعة من الرسائل من أصدقاء وأقارب ومعارف تتضمن الإفادة عن إقامة حفلات زواج عائلية مختصرة جداً لدواعي الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا، ويعتذرون عن هذا الإجراء وعدم الدعوة ويثنون بالدعاء للزوجين والمباركة لهما.
وحسناً فعل الجميع بهذا العمل المختصر، وأتمنى أن يستمر هذا الإجراء في التوسط في دعوات حفل الزفاف حتى بعد زوال الوباء، فقد تم التوفير على أهل العروسين مالياً وبدنياً ونفسياً، إلى جانب عدم التكليف على الناس بالمجاملة والحضور وتلبية الدعوة حتى وإن كانت تستلزم السفر، وللنساء في توفير مبالغ الملابس والزينة، وكما يقول المثل الشعبي: (يعرس اثنين ويشقى ألفين)، مع ما في الزواجات من إسراف وتبذير وكلفة وسهر.
إن قضية تكاليف الزواج وخاصة الحفلات الخاصة بها للرجال والنساء على حد سواء جديرة بالالتفات والنظر في هذه الأيام ومستقبلاً، فكم عانى الجميع من التكاليف الباهظة لهذه الحفلات وكم سببت من المشكلات والإحراجات للطرفين وأهلهما، وكم أدى التفاخر ومجاراة الآخرين إلى التنافس على نفقات غير محمودة وصرف مبالغ طائلة والضغط على ميزانيات الأسر والاضطرار للدين والقروض والسلف أحياناًً بل غالباً، وخاصة لمتوسطي الدخل.
إن الحفلات الصغيرة اليسيرة التي تمت خلال الشهرين الماضيين هي فرصة لطرح مبادرة لاختصار حفلات الزواج، وقد كانت محدودية الحفلات والدعوات إلزامية للإجراءات الاحترازية والأوامر النظامية الرسمية التي حددت أعداد المدعوين للحفلات والتجمعات، ورأينا -ولله الحمد- الرضا والقبول من الجميع، فما أحرانًا أن نطبق هذا العمل وأن نشجع المبادرات بالاختصار في حفلات الزواج مستقبلاً للغني وللفقير، وأن يكون ذلك من أهل الزوج وأهل الزوجة، ولكن الذي أخشاه بعد انجلاء الغمة أن يعود الناس للتفاخر والإسراف والتبذير والمبالغة في الحفلات.
إن المبادرات الإيجابية التي تستنهض الجميع لمثل هذا الحفل الميسور يتطلب تسليط الأضواء على ذلك من قبل الإعلاميين الناصحين المخلصين، ومن الخطباء، والمبادرة الحميدة من الوجهاء والأغنياء في اختصار حفلات الزواج ليكونوا قدوة لسائر المجتمع، كما تبادر مجالس الأسر ومجالس القبائل في تبني هذا الطرح.
ولربما يكون لدى البعض القناعة في هذه الاحتفالات المختصرة لكنهم لا يجرؤون على المبادرة خشية اتهامهم بالبخل، ولو كان هناك تشجيع لهذا الأمر من المجالس الأسرية من خلال مواثيق مكتوبة فيما بينهم، وتشجيع من إمارات المناطق لزال هذا الهاجس.
إننا نسمع تذمر الكثير من مشقة وتكاليف الزواج على الناس، وفي ظل الأزمة والظروف الاقتصادية وارتفاع الضريبة. فمن باب أولى أن ندعو لاختصار حفلات الزواج ليكون حضورها بالعشرات بدلاً من المئات.
إن تكاليف حفلات الزواج لدينا تتجاوز قيمة المهر خمس مرات أو تزيد، مما يدعونا جميعاً أن نتنادى للمطالبة والدعوة لهذا الاختصار، وقد عايشنا الحفلات المختصرة في هذا الوقت ورأينا فيها الراحة للجميع، فلماذا نكلف على أنفسنا؟
إن لله عز وجل حكمة فيما يقضيه ويقدره، وقد رأينا بعض الفوائد في أزمة كورونا ومنها تغيير بعض العادات والتقاليد التي قيدتنا فترة من الزمن.
** **
alomai1420@yahoo.com