عدم استجابة الأولاد لنصيحة والدهم
* ما نصيحتكم -حفظكم الله- لمن يبذل جهده في نصيحة أولاده وهم يستعصون عليه؟
- هذا الذي يبذل جهده ويستفرغ وسعه في نصيحة أولاده بالطرق المناسبة، بالرفق واللين، بالترغيب وأحيانًا بالترهيب، إذا استعمل واستنفد الوسائل التي تنفع في الغالب ولم تُجْدِ هذه النصيحة في أولاده مع إصراره عليها وسلوك المنهج السليم باللين والرفق، واستمر أولاده على عتوِّهم وعصيانهم فإنه قد بذل السبب والنتيجة بيد الله -جل وعلا-، فلا شيء عليه، بل يؤجر على متابعة هذه النصيحة، فلا ييأس، وإذا وصل الأمر إلى أنه أَيِس منهم فيتابِع النصيحة، ومع ذلك إذا لم يحصل المراد فالنبي يأتي وليس معه أحد، وقد قال الله كما نعلم: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ} [التحريم: 10]، وولد نوح ما أجدتْ فيه نصيحة والده، ومع ذلك ما نقول: إن نوحًا -عليه السلام- قصَّر، أو لوطًا قصَّر في دعوة امرأته، لا، بل بذلوا السبب واجتهدوا في إصلاحهم والنتائج بيد الله -جل وعلا-، وقل مثل ذلك في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه» [مسلم: 49]، إذا بَذلتَ السبب ولم يتغيَّر المنكر فالأمر ليس إليك، فالأجور مرتَّبة على بذل السبب، والنتائج بيد الله -جل وعلا-.
تركة الزوج أكثر مما ذكر لها أبناء الزوج
* امرأة تُوفي زوجها، فجاءها أحد أبناء زوجها وذكر لها مقدار التركة وأقنعها بأن تقبل بمبلغ معين تم تسليمه لها وهي راضية، وبعد شهرين تبيَّن لها أن مقدار التركة كان أكبر مما ذُكر لها بأضعاف مضاعفة، وهي تريد الآن أن تطالب بحقها ولكنها قد رضيتْ من قبل، فهل يحق لها أن تطالب به؟ وكيف تفعل؟
- نعم، لها أن تُطالب به؛ لأنها غُرِّر بها، فكأنها قالت: (إن كانت هذه هي التركة حقًّا مما ذكرتَ لي من المقدار فأنا راضية)، وهذا كالشرط العرفي أنها (إن كانت هذه التركة)؛ لأن المقدِّمة لا بد أن تكون في النتيجة، فقال لها -فرضًا-: (التركة مائة ألف) فقبلتْ بالثُّمن -مثلاً-، أو نصف الثمن إن كان لها ضرة أخرى، أو ضرَّات، أو بمقدار ذلك، المقصود أنها رضيتْ على أن هذه هي التركة، فكأنها قالت: (إن كانت هذه هي التركة حقًا فأنا راضية)، فلما تبيَّن أنها أضعاف كأربعمائة ألف أو خمسمائة ألف -وهذا على سبيل المثال- فلها أن تُطالب؛ لأنها إنما رضيتْ إذا كان الرقم المذكور صحيحًا، وإذا تبيَّن أنها مغشوشة أو مُغرَّر بها فلها أن تُطالب بحقها، وذلك عن طريق القضاء.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء