إعداد - خالد حامد:
اللقاء الذي جرى مؤخراً بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي في البيت الأبيض لا ينبغي النظر إليه على أنه مجرد حدث مهم، بل هو حدث استراتيجي بالغ الأهمية.
إنه فرصة للبدء في إعادة العراق للوقوف على قدميه، وتقليص النفوذ الإيراني هناك، والبدء في تحقيق الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من جائحة كورونا، وسوق النفط المتذبذبة، وظهور فراغ أمني واسع جراء فك الارتباط الأمريكي خلال العقد الماضي.
الولايات المتحدة لديها فرصة رائعة للعمل مع الكاظمي الذي يعد أفضل رئيس وزراء عراقي يمكن لأي أمريكي أن يتخيله، وأفضل بكثير مما نستحقه بالنظر إلى السلسلة اللا متناهية من الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق منذ عام 2003.
لقد أظهر الكاظمي وبشكل روتيني نظرة ثاقبة وفهمًا غير مسبوق للسياسة العراقية. وبصفته كان مديرًا لجهاز المخابرات الوطنية العراقية، أثبت الكاظمي نفسه كمدير تنفيذي رائع وقادر على استخدام تلك المواهب لمحاربة الفساد والميليشيات المدعومة من إيران. الآن، كرئيس للوزراء، اتخذ بالفعل سلسلة من الخطوات التي تشير إلى استعداده لمواصلة تلك المعارك والبدء في بناء حكومة عراقية قادرة على تلبية احتياجات شعبها.
يحظى الكاظمي بدعم السيستاني، وزعماء الشيعة المعتدلين الرئيسين مثل عمار الحكيم والجمهور العراقي الأوسع. كما يرى كل من السنة والأكراد أنه تكنوقراط قادر على العمل معه وسيعاملهم بإنصاف.
ومع ذلك، فإن الفرصة قد تكون عابرة حيث لم يتمكن الكاظمي من الحصول على رئاسة الوزراء إلا بعد الحركة الاحتجاجية العراقية الواسعة التي بدأت في أكتوبر 2019 وقتل إدارة ترامب للجنرال الإيراني قاسم سليماني مما أدى إلى وضع جهاز السياسة الخارجية الإيرانية في حالة من الفوضى.
علاوة على ذلك، يعاني العراق من مشكلات رهيبة، والكاظمي بحاجة إلى المساعدة، لكن لأنه من التكنوقراط ليس لديه حزب سياسي يدعمه.
يفضل الكونجرس الاستثمار في المؤسسات وليس الأفراد، والإدارة الأمريكية ستقدم القليل ما لم يتمكن الكاظمي من إثبات أنه قادر على إصلاح مشكلات العراق التي لا تعد ولا تحصى وإغلاق الباب في وجه إيران. من المحتمل أن تفشل كلتا الطريقتين لأنهما وضعتا العربة أمام الحصان.
العراق ليس لديه مؤسسات قوية ولا يمكن استحضار المؤسسات القوية من الهواء لمجرد أننا نطالب بها. يجب أن يتم بناؤها من قبل رجال ونساء لديهم القوة والموارد للقيام بذلك.
ما قاله وأظهره الكاظمي من خلال أفعاله الأولية يؤكد أنه سيفعل كل ما في وسعه بأي موارد متاحة له، ولكن بدون المزيد من المساعدة من واشنطن والمجتمع الدولي، لن يكون الكاظمي قادرًا على فعل الكثير على الإطلاق، لان مشكلات العراق كبيرة جدا.
ماذا يحتاج مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي في الوقت الحالي؟
إنه بحاجة لموارد مباشرة في شكل دعم للميزانية، إلى جانب مساعدة طويلة الأجل في شكل قروض وائتمانات تجارية وعقود قصيرة الأجل وما شابه وهي أشياء فشلت واشنطن في توفيرها لأي من أسلافه.
يوماً ما قد تستعيد إيران توازنها، وإذا لم تواجه عراقًا أقوى، ستستعيد نفوذها هناك. إذا فشل الكاظمي في مهمته، من المحتمل أن يحل محله شخص في جيب إيران بالكامل.
بدلاً من ذلك، إذا أصبح واضحًا أنه حتى الكاظمي - بذكائه التكنوقراطي وقوميته غير الحزبية والدعم المفترض من الولايات المتحدة - لا يمكنه البدء في تحريك العراق في الاتجاه الصحيح، فقد ينقلب الشعب العراقي ضد النظام تمامًا ويختار ثورة من غير المرجح أن تعمل بشكل جيد للولايات المتحدة.
** **
كينيث بولاك هو باحث مقيم في معهد (أمريكان إنتربرايز) ومدير سابق لشؤون الخليج العربي في مجلس الأمن القومي الأمريكي - عن (ذي هيل) الأمريكية