لا أحد ينكر دور هذه الجوائز في خدمة الحراك الثقافي، فهي تفتح آفاقًا واسعة أمام الكثير من الكتاب والمبدعين وخصوصا الشباب منهم. ويشير إطلاق وزارة الثقافة لمجموعة من الجوائز الثقافية، من بينها جائزة الأدب وغيرها إلى الاعتراف المؤسسي برأس المال الثقافي الذي يملكه الأدباء، الذين يكتسبون عادة رأس المال الرمزي (الثقافي) من خلال إنتاجهم لمزيد من الأعمال الأدبية، وحصولهم على الجوائز ذات السمعة الجيدة كجزء مهم لتعزيز مكانتهم الثقافية وحضورهم في المشهد الثقافي. والدور الذي تلعبه الجوائز الأدبية في تقديم أعمال معينة ووضعها ضمن دائرة اهتمام القراء لتصبح أفضل الكتب مبيعاً، يخلق تنوعا ثقافيا غنيا في السوق الأدبي.
وقد ساهمت فعلا الجوائز الأدبية العربية في رفع مكانة الروايات الخليجية، كما أدت إلى ترجمتها إلى لغات أجنبية مختلفة. ولوحظ ارتفاع عدد الجوائز الأدبية الممنوحة للروائيين السعوديين على وجه الخصوص، مصحوبة بنمو في مبيعات رواياتهم في الفترة التالية للفوز. هكذا، فإن الروائيين السعوديين الذين فازوا بالجائزة العالمية للرواية العربية مثلا، كعبده خال ورجاء عالم، ومحمد حسن علوان، أصبحوا من بين أكثر الكتاب شعبية في العالم العربي. كما يتأثر سوق النشر بالطبع بهذه الجوائز ويسعى لتحقيق مبيعات أعلى. كما يؤثر بشكل إيجابي على تجارة الكتاب السعودي، من حيث توزيعه وتداوله، ويفتح المجال أمام الأديب السعودي إلى انتشار أعماله بشكل أوسع في جميع أنحاء الوطن وخارج حدوده أيضا، في حال عملت المؤسسات الثقافية على ترجمتها إلى لغات أخرى لتدخل سوق النشر العالمي. وهذه هي وظيفة الجوائز الأدبية كشكل من أشكال التكريس الأدبي؛ فهي مسؤولة عن إصدار الأحكام على الأعمال الأدبية لتنقلها خارج حدود الهامش إلى عمق المركز كأبرز آليات التكريس وكنوع من الاعتراف الرمزي الرأسمالي. ومثل هذه الجوائز تعد فرصة جيدة للكتاب السعوديين الفائزين بهذه الجائزة التي ستضعهم في مركز المشهد الأدبي المحلي والعربي بعد تهميشهم لعقود من الزمان، وستدفع الجائزة، كرأس مال رمزي، بإبداعهم إلى قوائم الكتب الأكثر مبيعاً في معارض الكتب العربية. ومن الآثار الإضافية لهذه الجوائز، أن الأعمال الفائزة غالبا ما تحظى بمراجعات نقدية، وباهتمام النقاد والقراء في الصحافة المحلية والعربية. وتساعد مثل هذه المراجعات على تشجيع القراءة من جهة، وعلى زيادة شهرة الكاتب الذي كان قديما يستغرق وقتًا طويلاً ليصبح معروفًا في الفضاء الأدبي المحلي وخارجه. وبالتالي، ستستفيد الساحة الثقافية بشكل عام من الفوز بهذه الجوائز الأدبية، وليس فقط المؤلف الفائز وناشره. وستخلق حراكاً ثقافيا نستشرف بعض تحولاته الإيجابية في الموقف من الأدب السعودي والاهتمام بنشره وترجمته.
** **
- د. نورة سعيد القحطاني