أهداني أحد الأصدقاء كتاباً بعنوان: (التقطيع العروضي الحرفي للمعلقات العشر) في طبعته الرابعة، وهو من تأليف الأديب محمد إسماعيل جوهرجي رحمه الله تعالى وهو شخصية عروضية معروفة ولها مكانتها المرموقة، والكتاب يتميز ببعض التعليقات، ومنها مثلاً تعليقه على بيت عنترة حيث رواه هكذا:
الشَّاتِمِيْ عِرْضِيْ وَلَمْ أَشْتُمْهُمَا
والنَّاذِرِيْنَ إذا لَمْ أَلْقَهُمَا دَمِيْ
قال: «راجعنا البيت في كلِّ النسخ المطبوعة فوجدناه على هذه الصورة، وبالتالي فهو مكسور خارج على الوزن بزيادة سكون في (لمْ ألقهما) ويمكن تصحيحه اجتهاداً منا (الناذرين إذا لقيتهما دمي) وبهذا يصح الوزن».
والحق أن المؤلف قد جانب الصواب، فالبيت صحيح الوزن، وذلك بنقل حركة الهمزة إلى الميم، وهي ليست من ضرورات الشعر بل يؤخذ بها اتساعاً، وهذا الأسلوب أسلوب النقلِ قراءةٌ سبعية.
وأما تصحيحه للبيت بلفظ (الناذرين إذا لقيتهما دمي) فهي رواية من الروايات وليست تصحيحاً، ذَكَرها أبو زكريا التبريزي في شرحه على المعلقات، والبيت ثابت في المصادر الموثوقة هكذا:
الشَّاتِمِيْ عِرْضِيْ وَلَمْ أَشْتُمْهُمَا
والنَّاذِرِيْنَ إذا لَمَ الْقَهُمَا دَمِيْ
***
ومن تعليقاته أيضاً تعليقه على بيت طرفة حيث أورد البيت هكذا:
ولكن نفى عني الأعاديْ جَرَاءتي
عليهم وإقدامي وصدقي ومحتدي
ثم علَّق: «ورَدَتْ كلمة جراءتي في عروض البيت بدون ألف في معظم الكتب، والصحيح بإضافة ألف بعد حرف الراء ليستقيم الوزن».
وهذا أيضاً خطأ آخر، واعتداء، فالبيت مستقيم لا غبار عليه وليس في حشوه أي زحاف، ومع ذلك فقد ذهب المؤلف إلى تسكين الياء ضرورةً!. وقد رُوي البيت بالألف بهذا اللفظ: (ولكن نفى عني الرجال جراءتي) بورود (الرجال) بدلاً من (الأعادي).
فالرواية الراجحة والصحيحة كما هي عند أبي زكريا هكذا:
ولكِنْ نَفَى عَنِّي الأعادِيَّ جُرْأَتي
عَلِيْهِمْ وإقدامِي وصِدقِي ومحتِدِي
** **
- منصور المشوح